في حال فشل مناورة رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا بايرو، يمكن أن يحل " الخريف السياسي" في الولاية الثانية للرئيس إيمانويل ماكرون قبل بدء فصل الخريف في أواخر سبتمبر/أيلول القادم.
ويمكن أن تطال العواقب الرئيس ماكرون الذي سيكون مضطراً لاتخاذ قرارات صعبة ما بين تكليف رئيس وزراء جديد أقرب إلى المعارضة اليسارية، أو حل الجمعية الوطنية وصولاً لاحتمال استقالته كحد أقصى.
في التفاصيل، فاجأ فرانسوا بايرو الطبقة السياسية بإعلانه يوم الاثنين، 25 أغسطس/آب، أنه سيطلب الثقة لحكومته أمام الجمعية الوطنية في 8 سبتمبر/أيلول.
وفي سعيه للحصول على "توضيحات"، يأمل رئيس الوزراء في حشد الأغلبية حول مساره المالي، الذي يُقدمه على أنه حاسم لمستقبل البلاد الاقتصادي. إلا أن توازن القوى في البرلمان يُشير إلى نتيجة غير مواتية.
تعد مبادرة بايرو نادرة للغاية في عهد الجمهورية الخامسة، والمنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 49 من الدستور، لكنها تعكس قبل كل شيء هشاشة رئيس وزراء يفتقر إلى الأغلبية. خوفًا من المحاسبة خلال مناقشة الميزانية في الخريف.
يبدو ميزان القوى غير مؤات له. إذا فشل فرانسوا بايرو، كما هو متوقع، في نيل الثقة، فسيتعين عليه تقديم استقالة حكومته إلى رئيس الجمهورية. ردود الفعل الأولية لا تترك مجالاً للشك: من حزب "فرنسا الأبية" إلى التجمع الوطني، بما في ذلك الاشتراكيون والشيوعيون والخضر، أعلنوا جميعهم رفض التصويت على منح الثقة.
وهكذا، يتجه فرانسوا بايرو نحو هزيمة شبه مؤكدة. وإذا تأكدت هذه الهزيمة، فسيصبح أول رئيس حكومة في الجمهورية الخامسة يُعزل بتصويت على منح الثقة، وهي سابقة ذات عواقب وخيمة على الاستقرار المؤسسي.
عندها، سيواجه إيمانويل ماكرون خياراً حاسماً: تعيين سابع رئيس وزراء في عهده. يبرز خياران: إسناد المنصب لشخصية من معسكره، مثل سيباستيان ليكورنو، وزير القوات المسلحة الحالي، أو اختيار شخصية قادرة على التفاعل مع اليسار، لتجنب المزيد من الشلل المؤسسي.
كما يمكن لرئيس الدولة أن يختار ما يسمى بحكومة تكنوقراط ، مكلفة بإدارة الشؤون اليومية دون إصلاحات جذرية. ولكن في برلمان منقسم إلى ثلاث كتل متعارضة، لا تبدو المهمة يسيرة.
في موازاة ذلك يلوح التهديد بحصول حركةٍ اجتماعيةٍ تدعو إلى "تجميد كل شيء" ابتداءً من 10 سبتمبر/أيلول.
اتخذ فرنسوا بايرو قراره بالاتفاق مع إيمانويل ماكرون، وهو يعلم جيداً انه مسارٌ محفوفٌ بالمخاطر: لكن إذا نجح في تجاوز هذه العقبة، فإنه يأمل في الحصول على الشرعية اللازمة للتفاوض على الميزانية مع مختلف مكونات البرلمان، وتأمين انطلاقة جديدة لحكومته وتحاشي عدم الاستقرار السياسي.