تنعقد القمة الاميركية-الروسية يوم الجمعة المقبل في ولاية آلاسكا الاميركية، التي كانت في السابق جزءا من الامبراطورية الروسية، بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمبر بوتن وهي الاولى بين الزعيمين منذ 6 سنوات لمحاولة وقف النزاع الدموي بين روسيا وأوكرانيا الذي بدأ بعد الغزو الروسي لأوكرانيا  قبل أكثر من ثلاثة سنوات، ولإعادة صياغة العلاقات المعقدة بين موسكو وواشنطن. غياب أوكرانيا عن القمة سوف يفرض ظلاله الداكنة على احتمالات نجاحها.

منيت جميع محاولات الرئيس ترامب وقف القتال بين روسيا وأوكرانيا وانهاء أول حرب نظامية في القارة الاوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، بالفشل خلال الاشهر الستة الماضية، وهو الذي كان قد تعهد   بوقف النزاع في أول يوم له في البيت الابيض. خلال هذه الفترة اتسمت مواقف ترامب  العلنية بالتفاؤل والتشاؤم والغضب وتهديد البلدين، وان انحاز الى تبني السردية الروسية بشكل عام، وتحميل أوكرانيا مسؤولية الغزو الروسي، الى ان انتهى بالتلويح بالمزيد من العقوبات ضد موسكو اذا لم تقبل طروحاته لوقف القتال.

عسكريا، علّق ترامب تسليم بعض صفقات الاسلحة لأوكرانيا، وطالبها بتسديد قيمة المساعدات العسكرية التي قدمتها ادارة الرئيس بايدن السابقة كهبات لصد الزحف الروسي، الى ان توصل الى اتفاق مع حلف الناتو يقضي ببيعه  الاسلحة المرسلة الى أوكرانيا.  سياسيا، تخلى ترامب عن أهم مبدأ التزمت به ادارة الرئيس السابق بايدن، وهو لا يمكن بحث مصير أوكرانيا، دون مشاركة أوكرانيا. وهذا بالضبط ما تتخوف   أوكرانيا والحلفاء الاوروبيين من حدوثه في قمة آلاسكا. وتحدث ترامب بشكل غامض عن  "تبادل" للأراضي يخدم مصلحة البلدين . وبينما تسيطر روسيا على خمس الاراضي الاوكرانية، تسيطر أوكرانيا على اربعة اميال مربعة فقط من الاراضي الروسية، ما يعني ان مفهوم تبادل الاراضي هو انحياز كامل لمصلحة روسيا. وعاد الرئيس ترامب الى استخدام اللغة التوفيقية تجاه نظيره الروسي مدعيا " اعتقد ان الرئيس بوتين يريد ان يحقق السلام".

وسارع الرئيس الاوكراني فلودومير زيلينسكي الى القول انه سيرفض أي مقترح لتخلي أوكرانيا عن اراضيها. وبعد ان اشار الى ان الدستور الاوكراني يمنع مثل هذه التنازلات، اضاف " لن يتراجع أي شخص عن هذا الالتزام. الأوكرانيون لن يتخلوا عن اراضيهم للمحتل ". ويحظى هذا الموقف الاوكراني بدعم كامل من حلفاء اوكرانيا وخاصة في فرنسا والمانيا وبريطانيا.

ويعتقد الكثير من المراقبين في واشنطن، ان ترامب يكافئ بوتين من خلال دعوته الى قمة فوق الاراضي الاميركية، وهو الذي يسعى الى مثل هذا الاجتماع منذ انتخاب ترامب، لان القمة تعطيه الفرصة لإعادة صياغة مجمل العلاقات الروسية-الاميركية، والتخلص من العقوبات الاقتصادية، ولأنه يريد مباركة الرئيس ترامب لطموحاته التوسعية في أوكرانيا .  ويرى بوتين ان تقديمه لبعض التنازلات الطفيفة وحصوله على موافقة ترامب  على احتلاله لشرق اوكرانيا وشبه جزيرة القرم، مقابل انهاء النزاع مع أوكرانيا، بما في ذلك ضمان حياد اوكرانيا العسكري وبقائها خارج حلف الناتو سوف يسمح له بتحقيق مكاسبه ديبلوماسيا، بعد ان عجز عن تحقيق جميعها بالوسائل العسكرية.

ويرى بعض المراقبين ان هاجس الرئيس ترامب بالحصول على جائزة نوبل للسلام، مقابل أي حل مؤقت للحرب الروسية-الاوكرانية، قد يدفعه الى التنازل لروسيا عن اراض لا تملكها الولايات المتحدة، مثلما تنازل رئيس وزراء بريطانيا نفيل تشامبرلاين للزعيم النازي أدولف هتلر عن منطقة السوديتنلاند دون استشارة تشيكوسلوفاكيا التي كانت تملك هذه الارض، في خطوة اعتبرت استرضاء لألمانيا النازية ومهدت للحرب العالمية الثانية.