
Sign up to save your podcasts
Or
تساءل الرئيس الفرنسي شارل ديغول في تشرين الثاني/ نوفمبر 1959، خلال مؤتمر صحفي: من يستطيع الجزم بما سيحدث غدًا؟ من يستطيع الجزم بأن القوتين اللتين تحتكران الأسلحة النووية لن تتفقا على تقاسم العالم فيما بينهما . والآن بعد 66 عاماً، يمكن لهذا التوقع ان يصح إذا تحول التقارب الحاصل بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين إلى صفقة تقاسم استراتيجي على شاكلة يالطا ثنائية.
هكذا كانت مقاربة الجنرال ديغول الجيوسياسية الحذرة وهو الذي اختبر الجميع في لحظة هزيمة فرنسا في بداية الحرب العالمية الثانية وما عاناه من الأعداء والحلفاء، واستوعب أن موازين القوى والمصالح هي الأهم. ولذلك اعتمد الرئيس المؤسس للجمهورية الخامسة في " نظرية الردع النووي المستقل " من أجل حماية فرنسا بالتزامن مع تصنيع أول قنبلة نووية لها في العام 1960.
لاحقا مع الرئيس جاك شيراك أطلقت باريس عدة مبادرات نحو الدفاع الأوروبي أسفرت عن بناء فرقة مشتركة مع ألمانيا وتفاهم مع المملكة المتحدة وبلورة سياسة أمنية ودفاعية مشتركة للاتحاد الاوروبي. لكن عودة فرنسا إلى القيادة العسكرية الموحدة للناتو في 2009 خلال حقبة نيكولا ساركوزي، جمد الخطط الفرنسية وعزز وضع الناتو.
حذر شيراك مرارا الأوروبيين خلال رئاسته من الركون لمرحلة ما بعد الحرب الباردة ووجوب عدم التخلي عن الجهد الدفاعي، لكن لم يكن هذا النداء مسموعا من باريس إلى روما وبرلين. وبقيت القارة القديمة تحت المظلة الاستراتيجية الأمريكية.
حالياً مع التقارب المحتمل بين واشنطن وموسكو، وسيناريوهات مستقبل الناتو وآثار حرب أوكرانيا، تبدو الصحوة الأوروبية متأخرة بالرغم من استمرار باريس في الدعوة لاعتماد نهج يقود إلى الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية.
منذ وصوله إلى الإليزيه في 2017، لم ينفك الرئيس إيمانويل ماكرون عن ترداد المقولات حول تطوير الدفاع الفرنسي وبناء الدفاع الأوروبي، ووصل به الأمر بعد حرب أوكرانيا لاستشعار الخطر والدعوة لبناء " جيش أوروبي".
لكن الاتحاد الأوروبي الذي يبقى بمثابة تحالف أمم لها مصالحها المتباينة وسياساتها الخاصة ، لم يتطور ليصبح قطباً جيوسياسيا وبقي قطبا اقتصاديا في المقام الأول.
حاليا تحت ضغط الثنائي ترامب- بوتين، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دار لاين عن خطة إعادة تسليح أوروبا بقيمة 800 مليار يورو، ومنها 150 مليار على شكل قروض ميسرة وهذا يهدد ميثاق الاستقرار النقدي للاتحاد وانعكاسات ذلك على الاقتصاد.
يبدو المسار شاقا للوصول إلى هذا الهدف خاصة على المدى القصير، وسيتوقف النجاح على تطور الأوضاع الداخلية في عدة بلدان أوروبية وتطور الوضع الدوليز
4.7
33 ratings
تساءل الرئيس الفرنسي شارل ديغول في تشرين الثاني/ نوفمبر 1959، خلال مؤتمر صحفي: من يستطيع الجزم بما سيحدث غدًا؟ من يستطيع الجزم بأن القوتين اللتين تحتكران الأسلحة النووية لن تتفقا على تقاسم العالم فيما بينهما . والآن بعد 66 عاماً، يمكن لهذا التوقع ان يصح إذا تحول التقارب الحاصل بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين إلى صفقة تقاسم استراتيجي على شاكلة يالطا ثنائية.
هكذا كانت مقاربة الجنرال ديغول الجيوسياسية الحذرة وهو الذي اختبر الجميع في لحظة هزيمة فرنسا في بداية الحرب العالمية الثانية وما عاناه من الأعداء والحلفاء، واستوعب أن موازين القوى والمصالح هي الأهم. ولذلك اعتمد الرئيس المؤسس للجمهورية الخامسة في " نظرية الردع النووي المستقل " من أجل حماية فرنسا بالتزامن مع تصنيع أول قنبلة نووية لها في العام 1960.
لاحقا مع الرئيس جاك شيراك أطلقت باريس عدة مبادرات نحو الدفاع الأوروبي أسفرت عن بناء فرقة مشتركة مع ألمانيا وتفاهم مع المملكة المتحدة وبلورة سياسة أمنية ودفاعية مشتركة للاتحاد الاوروبي. لكن عودة فرنسا إلى القيادة العسكرية الموحدة للناتو في 2009 خلال حقبة نيكولا ساركوزي، جمد الخطط الفرنسية وعزز وضع الناتو.
حذر شيراك مرارا الأوروبيين خلال رئاسته من الركون لمرحلة ما بعد الحرب الباردة ووجوب عدم التخلي عن الجهد الدفاعي، لكن لم يكن هذا النداء مسموعا من باريس إلى روما وبرلين. وبقيت القارة القديمة تحت المظلة الاستراتيجية الأمريكية.
حالياً مع التقارب المحتمل بين واشنطن وموسكو، وسيناريوهات مستقبل الناتو وآثار حرب أوكرانيا، تبدو الصحوة الأوروبية متأخرة بالرغم من استمرار باريس في الدعوة لاعتماد نهج يقود إلى الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية.
منذ وصوله إلى الإليزيه في 2017، لم ينفك الرئيس إيمانويل ماكرون عن ترداد المقولات حول تطوير الدفاع الفرنسي وبناء الدفاع الأوروبي، ووصل به الأمر بعد حرب أوكرانيا لاستشعار الخطر والدعوة لبناء " جيش أوروبي".
لكن الاتحاد الأوروبي الذي يبقى بمثابة تحالف أمم لها مصالحها المتباينة وسياساتها الخاصة ، لم يتطور ليصبح قطباً جيوسياسيا وبقي قطبا اقتصاديا في المقام الأول.
حاليا تحت ضغط الثنائي ترامب- بوتين، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دار لاين عن خطة إعادة تسليح أوروبا بقيمة 800 مليار يورو، ومنها 150 مليار على شكل قروض ميسرة وهذا يهدد ميثاق الاستقرار النقدي للاتحاد وانعكاسات ذلك على الاقتصاد.
يبدو المسار شاقا للوصول إلى هذا الهدف خاصة على المدى القصير، وسيتوقف النجاح على تطور الأوضاع الداخلية في عدة بلدان أوروبية وتطور الوضع الدوليز
3,464 Listeners
26 Listeners
3 Listeners
6 Listeners
3 Listeners
3,683 Listeners
689 Listeners
14 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
3 Listeners
8 Listeners
16 Listeners