"الصعوبة التي يعاني منها المكفوفون هي أنهم لا يستطيعون رؤية الأشياء التي يأكلونها، هم يستشعرون بها. لذلك فكرتُ بهذا المشروع وهو عبارة عن دورة طبخ لنادي المكفوفين بعنوان ’ألمس، أشم، أتذوق‘. هذه الحواس الثلاث الأساسية التي نستخدمها للتعرف على الغذاء الذي نتناوله. "
هذا ما شرحته ناهدة صليح- وهي سيدة فلسطينية-إسرائيلية الجنسية في الثانية والستين من العمر، تعمل كمدرّبة لذوي الاحتياجات الخاصة- في هذا الحوار مع زملاء من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، بمناسبة يوم الرؤية العالمي الذي تحييه الوكالة الأممية ثاني يوم خميس من شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام.
وتتمتع السيدة ناهدة صليح بخبرة تفوق الأربعين عاما في إعادة تأهيل المكفوفين والمعوّقين بصريا. وقد أنشأت هذا المشروع في عام 2015، بالعاصمة الإيطالية، روما، الذي حصد نجاحا كبيرا.
فمن خلال تحضير أطباق بسيطة، ترمي حلقة العمل هذه إلى منح الأطفال المكفوفين والمعوقين بصريا طريقة استثنائية في التعامل مع الأنماط الغذائية المستدامة والأكل الصحي.
وردا على سؤال حول كيفية ترغيب الأطفال في تذوق أنواع جديدة من الخضراوات والفاكهة، قالت ناهدة صليح إن المشكلة في العائلة، لأن الأهل لا يريدون أن يجوع أطفالهم، فيعطونهم ما يحبونه من الطعام:
"كان هناك إقبال كبير من المكفوفين واستطاع جميع الأطفال أكل الخضراوات التي لم تكن موجودة في قائمة طعامهم فأصبحوا يأكلون جميع أنواع الخضار. وقد وضعت قاعدة للأطفال مفادها بأنه لا يمكنك أن تقول ’لا أحب هذا النوع‘ إذا لم تتذوقه خمس مرات."
من أهم النشاطات التي تقوم بها السيدة ناهدة مع تلاميذها، هي صناعة البسكويت. وتشرح أن هذه العملية تطلب تحضير المواد بشكل منظم:
المرحلة الأولى، الثانية، والثالثة... "وبعد ذلك يتم خلط المواد مع بعضها البعض، طبعا كل ذلك بواسطة اليدين، بحيث يحس الأطفال بقوام البيضة ويفصلون الأصفر عن الأبيض ويذوبونه مع السكر ويضيفون الزيت ويحسون بأنه اندمج مع الخليط وبعد ذلك مع الطحين. وبذلك يحسون كيف أننا نصل إلى مرحلة صناعة البسكويت."
ويشدد مشروع ناهدة على الجانب الشمولي والاجتماعي لسلاسل الأغذية المستدامة. أما تفانيها فدليل على أن الوصول إلى الغذاء الصحي قادر على تمكين مجموعات مهمشة مثل ذوي الإعاقات والشباب من أجل أحداث تغيير على الأرض.