
Sign up to save your podcasts
Or
للعنف السياسي في الولايات المتحدة تاريخ طويل، لا بل يمكن القول ان أميركا ولدت وترعرعت وبلغت سنّ الرشد عبر سلسلة من الاحداث والتطورات العنيفة، من حرب الاستقلال ضد الاحتلال البريطاني، الى حرب أهلية استمرت لأربعة سنوات (1861 -1865) وقتل فيها 750 الف عسكري، أي أكثر من ضحايا جميع الحروب الاميركية في الخارج مجتمعة.
في اعقاب محاولتي الاغتيال اللتين تعرض لهما الرئيس السابق دونالد ترامب خلال الاشهر الثلاثة الماضية سمع الاميركيون جوقة من الاصوات المألوفة بعد مثل اعمال العنف هذه وان كانت غير صحيحة وتتناقض بشكل سافر مع الحقائق وتاريخ اميركا.
الجوقة المؤلفة من المسؤولين في الحزبين صدحت بصوت واحد " لا مكان في اميركا لمثل هذا النوع من العنف السياسي". الرئيس جوزف بايدن، المعروف بميله للمبالغات وتضخيم الامور اضاف " ان فكرة وجود عنف سياسي، أو عنف في أميركا مثل هذا، هو أمر غير مسموع به".
رصاص الاغتيال السياسي أودى بحياة رئيسين في القرن التاسع عشر أحدهما ابراهام لينكولن، ربما أعظم رئيس أميركي، ورئيسين في القرن العشرين، اضافة الى تعرض عدد آخر من الرؤساء لمحاولات اغتيال كادت تؤدي بحياتهم وكان آخرهم رونالد ريغان في ألف وتسعمئة وواحد وثمانين. ولا نستطيع هنا الا ذكر أقلية فقط من اسماء المرشحين لمناصب بارزة وغيرهم من السياسيين والقادة الروحيين الذين تم اغتيالهم او تعرضوا لمحاولات اغتيال مثل المرشحين لمنصب الرئاسة السناتور روبرت كينيدي الذي اغتيل في ألف وتسعمئة وثمانية وستين والحاكم جورج والس الذي اصيب بجراح خطيره حرمته من المشي في السنة ذاتها، هذا بالإضافة الى اغتيال القس وقائد حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ في السنة العنيفة ذاتها.
اغتيال القس كينغ تسبب باندلاع اعمال العنف والشغب في أكثر من مئة وخمسة وعشرين مدينة في أكثر من نصف الولايات الاميركية، قتل فيها العشرات وجرح الآلاف، ما تطلب نشر أكثر من خمسين الف جندي فدرالي في بعض كبريات المدن الاميركية التي بدت وكأنها تحت احتلال عسكري..
في العقود الماضية توسعت ظاهرة العنف العبثي والقتل الجماعي ضد المدنيين في الاماكن العامة مثل المدارس والجامعات ودور العبادة وصالات السينما وغيرها، بحيث لم يعد هناك من مكان عام آمن في الولايات المتحدة . ويقدّر عدد الاسلحة النارية في أيدي المدنيين الاميركيين بأكثر من خمسمئة مليون قطعة، أي بما يزيد عن أكثر من مئة وعشرين مليون قطعة عن عدد سكان الولايات المتحدة. وعلى الرغم من خطورة ظاهرة العنف السياسي وظاهرة القتل الجماعي التي تبدو وكأنها اميركية بامتياز لا تزال هناك معارضة قوية من قبل لوبي الاسلحة النارية وانصاره في الكونغرس والمجتمع لفرض قيود اضافية لضبط ومراقبة مبيعات الاسلحة والقول ان المشكلة هي في النفوس وليس في توفر الاسلحة.
ومع ذلك، بعد كل حادث عنف، يكرر الاميركيون من مسؤولين ومواطنين عاديين الطقوس التي تعودوا عليها: من نكران الحقائق، الى الادانات اللفظية، الى ترديد الصلوات، وانتظار العنف القادم.
4.7
33 ratings
للعنف السياسي في الولايات المتحدة تاريخ طويل، لا بل يمكن القول ان أميركا ولدت وترعرعت وبلغت سنّ الرشد عبر سلسلة من الاحداث والتطورات العنيفة، من حرب الاستقلال ضد الاحتلال البريطاني، الى حرب أهلية استمرت لأربعة سنوات (1861 -1865) وقتل فيها 750 الف عسكري، أي أكثر من ضحايا جميع الحروب الاميركية في الخارج مجتمعة.
في اعقاب محاولتي الاغتيال اللتين تعرض لهما الرئيس السابق دونالد ترامب خلال الاشهر الثلاثة الماضية سمع الاميركيون جوقة من الاصوات المألوفة بعد مثل اعمال العنف هذه وان كانت غير صحيحة وتتناقض بشكل سافر مع الحقائق وتاريخ اميركا.
الجوقة المؤلفة من المسؤولين في الحزبين صدحت بصوت واحد " لا مكان في اميركا لمثل هذا النوع من العنف السياسي". الرئيس جوزف بايدن، المعروف بميله للمبالغات وتضخيم الامور اضاف " ان فكرة وجود عنف سياسي، أو عنف في أميركا مثل هذا، هو أمر غير مسموع به".
رصاص الاغتيال السياسي أودى بحياة رئيسين في القرن التاسع عشر أحدهما ابراهام لينكولن، ربما أعظم رئيس أميركي، ورئيسين في القرن العشرين، اضافة الى تعرض عدد آخر من الرؤساء لمحاولات اغتيال كادت تؤدي بحياتهم وكان آخرهم رونالد ريغان في ألف وتسعمئة وواحد وثمانين. ولا نستطيع هنا الا ذكر أقلية فقط من اسماء المرشحين لمناصب بارزة وغيرهم من السياسيين والقادة الروحيين الذين تم اغتيالهم او تعرضوا لمحاولات اغتيال مثل المرشحين لمنصب الرئاسة السناتور روبرت كينيدي الذي اغتيل في ألف وتسعمئة وثمانية وستين والحاكم جورج والس الذي اصيب بجراح خطيره حرمته من المشي في السنة ذاتها، هذا بالإضافة الى اغتيال القس وقائد حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ في السنة العنيفة ذاتها.
اغتيال القس كينغ تسبب باندلاع اعمال العنف والشغب في أكثر من مئة وخمسة وعشرين مدينة في أكثر من نصف الولايات الاميركية، قتل فيها العشرات وجرح الآلاف، ما تطلب نشر أكثر من خمسين الف جندي فدرالي في بعض كبريات المدن الاميركية التي بدت وكأنها تحت احتلال عسكري..
في العقود الماضية توسعت ظاهرة العنف العبثي والقتل الجماعي ضد المدنيين في الاماكن العامة مثل المدارس والجامعات ودور العبادة وصالات السينما وغيرها، بحيث لم يعد هناك من مكان عام آمن في الولايات المتحدة . ويقدّر عدد الاسلحة النارية في أيدي المدنيين الاميركيين بأكثر من خمسمئة مليون قطعة، أي بما يزيد عن أكثر من مئة وعشرين مليون قطعة عن عدد سكان الولايات المتحدة. وعلى الرغم من خطورة ظاهرة العنف السياسي وظاهرة القتل الجماعي التي تبدو وكأنها اميركية بامتياز لا تزال هناك معارضة قوية من قبل لوبي الاسلحة النارية وانصاره في الكونغرس والمجتمع لفرض قيود اضافية لضبط ومراقبة مبيعات الاسلحة والقول ان المشكلة هي في النفوس وليس في توفر الاسلحة.
ومع ذلك، بعد كل حادث عنف، يكرر الاميركيون من مسؤولين ومواطنين عاديين الطقوس التي تعودوا عليها: من نكران الحقائق، الى الادانات اللفظية، الى ترديد الصلوات، وانتظار العنف القادم.
26 Listeners
2 Listeners
5 Listeners
3 Listeners
104 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
58 Listeners
3 Listeners
0 Listeners
119 Listeners
33 Listeners
3 Listeners
24 Listeners