
Sign up to save your podcasts
Or
تشهد تونس منذ أسبوع تقريبا عودة قوية لملف المهاجرين الأفارقة من جنوبي الصحراء خاصة في ولاية صفاقس من الجنوب الشرقي للبلاد. وقد صاحبت عودة هذا الملف تصاعد الدعوات لطرد المهاجرين من طرف عديد الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى تزايد حضور الخطاب العنصري تجاه المهاجرين.
وبالرغم من خطورة الوضع، إلا أنه يلاحظ الغياب الكلي للسلطات المحلية والمركزية. إذ لم يصدر أي تعليق على هذه الموجة بالرغم من خطورتها على السلم الاجتماعي الداخلي وكذلك على صورة تونس في أفريقيا.
بدأت الموجة الجديدة حين قامت نائبة بمجلس نواب الشعب بنشر فيديو تصور فيه ما تراه مؤسسات قائمة الذات بشكل غير قانوني مثل "مستشفى" أو "مسجد" أو "مقهى" والحال أنها مجرد خيام من قطع بلاستيكية تم تركيزها في إحدى ضيعات الزياتين بالقرب من مدينة صفاقس. ويستعيد هذا الفيديو سردية رسمية وشعبية، مفادها أن هؤلاء المهاجرين أتو إلى تونس بغاية الاستيطان. وانطلقت بسبب ذلك عديد حملات الملاحقة تم الترويج لها على وسائل التواصل الاجتماعي وخارج الأطر القانونية مما خلق خوفا لدى المهاجرين. في المقابل، عدى تولي قوات الأمن تدمير هذه الخيام البلاستيكية، فإنه لم يصدر أي رد رسمي لا من الحكومة ولا من رئاسة الجمهورية. يحيل مثل هذا الغياب في الحقيقية إلى الورطة التي تجد السلطات نفسها فيها بعد أن تم استعمال ملف المهاجرين في المفاوضات مع الأطراف الأوروبية وخاصة منها إيطاليا.
وتتمثل الورطة التونسية في جملة من التناقضات. ففي حين تغيب أية جدية في مراقبة الحدود الغربية للبلاد، وهي المنفذ الأول لأغلب أدفاق الهجرة، نرى الخطاب الرسمي يندد بوجود المهاجرين غير القانونيين. من جهة ثانية، نسجل خطابا حادا تجاه البلدان الأوروبية في موضوع الهجرة في حين لا نجد أية سياسة رسمية للتعامل مع الهجرة ومع المهاجرين. فلا وجود مثلا لمسارات تفاوض مع بلدان المصدر لترحيل أعداد من المهاجرين غير القانونيين. كما لا يوجد أي مشروع لتغيير قوانين الإقامة واللجوء بما يسمح بتسهيل التعاطي مع وضعيات شائكة مثل الهجرة. أما التعارض الرئيسي الذي يجسد هذه الورطة فيتمثل في التناقض بين المواثيق الدولية التي وقعت عليها الدولة التونسية من جهة والممارسة الرسمية من طرف الإدارة أو الأجهزة الأمنية على الأرض من جهة ثانية.
مثل هذا الوضع لا يحيل على مشكل موضوعي تبحث الجهات الرسمية على حل عاجل له، بل يبدو الأمر وكأن ملف الهجرة هو مجرد ورقة يتم استعمالها سياسيا لمواجهة رهانات داخلية أو إقليمية بالرغم من المخاطر المحدقة جراء هكذا تعامل.
4.7
33 ratings
تشهد تونس منذ أسبوع تقريبا عودة قوية لملف المهاجرين الأفارقة من جنوبي الصحراء خاصة في ولاية صفاقس من الجنوب الشرقي للبلاد. وقد صاحبت عودة هذا الملف تصاعد الدعوات لطرد المهاجرين من طرف عديد الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى تزايد حضور الخطاب العنصري تجاه المهاجرين.
وبالرغم من خطورة الوضع، إلا أنه يلاحظ الغياب الكلي للسلطات المحلية والمركزية. إذ لم يصدر أي تعليق على هذه الموجة بالرغم من خطورتها على السلم الاجتماعي الداخلي وكذلك على صورة تونس في أفريقيا.
بدأت الموجة الجديدة حين قامت نائبة بمجلس نواب الشعب بنشر فيديو تصور فيه ما تراه مؤسسات قائمة الذات بشكل غير قانوني مثل "مستشفى" أو "مسجد" أو "مقهى" والحال أنها مجرد خيام من قطع بلاستيكية تم تركيزها في إحدى ضيعات الزياتين بالقرب من مدينة صفاقس. ويستعيد هذا الفيديو سردية رسمية وشعبية، مفادها أن هؤلاء المهاجرين أتو إلى تونس بغاية الاستيطان. وانطلقت بسبب ذلك عديد حملات الملاحقة تم الترويج لها على وسائل التواصل الاجتماعي وخارج الأطر القانونية مما خلق خوفا لدى المهاجرين. في المقابل، عدى تولي قوات الأمن تدمير هذه الخيام البلاستيكية، فإنه لم يصدر أي رد رسمي لا من الحكومة ولا من رئاسة الجمهورية. يحيل مثل هذا الغياب في الحقيقية إلى الورطة التي تجد السلطات نفسها فيها بعد أن تم استعمال ملف المهاجرين في المفاوضات مع الأطراف الأوروبية وخاصة منها إيطاليا.
وتتمثل الورطة التونسية في جملة من التناقضات. ففي حين تغيب أية جدية في مراقبة الحدود الغربية للبلاد، وهي المنفذ الأول لأغلب أدفاق الهجرة، نرى الخطاب الرسمي يندد بوجود المهاجرين غير القانونيين. من جهة ثانية، نسجل خطابا حادا تجاه البلدان الأوروبية في موضوع الهجرة في حين لا نجد أية سياسة رسمية للتعامل مع الهجرة ومع المهاجرين. فلا وجود مثلا لمسارات تفاوض مع بلدان المصدر لترحيل أعداد من المهاجرين غير القانونيين. كما لا يوجد أي مشروع لتغيير قوانين الإقامة واللجوء بما يسمح بتسهيل التعاطي مع وضعيات شائكة مثل الهجرة. أما التعارض الرئيسي الذي يجسد هذه الورطة فيتمثل في التناقض بين المواثيق الدولية التي وقعت عليها الدولة التونسية من جهة والممارسة الرسمية من طرف الإدارة أو الأجهزة الأمنية على الأرض من جهة ثانية.
مثل هذا الوضع لا يحيل على مشكل موضوعي تبحث الجهات الرسمية على حل عاجل له، بل يبدو الأمر وكأن ملف الهجرة هو مجرد ورقة يتم استعمالها سياسيا لمواجهة رهانات داخلية أو إقليمية بالرغم من المخاطر المحدقة جراء هكذا تعامل.
3,459 Listeners
26 Listeners
3 Listeners
6 Listeners
3 Listeners
3,682 Listeners
692 Listeners
14 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
3 Listeners
8 Listeners
16 Listeners