تشييع نصرالله أظهر النفوذ الشعبي لـ "حزب الله" من دون تأكيد احتفاظه بقوته، والمتغيرات الاقليمية تشير إلى أن مرحلة نصرالله بالنسبة إلى الحزب ستختلف عما بعده.

احتشد مئات ألوف اللبنانيين أمس، إضافة إلى وفود من إيران والعراق واليمن، للمشاركة في تشييع الأمينين العامين لحزب الله حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، اللذين قتلا قبل خمسة أشهر في غارات اسرائيلية استخدمت قنابل أمريكية ثقيلة.

وفي تأبينهما أكد الأمين العام الحالي نعيم قاسم أن المقاومة مستمرة ولم تنته، وذلك رداً على تقديرات محلية وخارجية خلصت إلى أن حزب الله ضعف بعد فقده كبار قادته وخسارته في المواجهة مع إسرائيل التي أبقت على قواتها في نقاط عدة في جنوب لبنان.

وقال قاسم إن الحزب التزم اتفاق وقف إطلاق النار، في حين أن إسرائيل لم تلتزم به، بل تواصل احتلال أجزاء من الأرض اللبنانية.

وكما شكل التشييع مناسبة لإظهار القوة الشعبية والاجتماعية لحزب الله، فإن المرشد الإيراني علي خامنئي أكد بدوره في رسالة تلاها ممثله في العراق أن على اسرائيل أن تعلم أن مقاومة الاغتصاب والظلم والاستكبار ستستمر حتى تحقيق غايتها النهائية.

وعدا نائب قائد الحرس الثوري، أوفدت طهران رئيس مجلس الشورى ووزير الخارجية لحضور التشييع. وقد التقيا أيضاً الرئيس اللبناني جوزيف عون الذي نقل عنه قوله ان لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه، وتوافق مع زائريه على عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

ويذكر أن القرار اللبناني بتعليق الرحلات الجوية من إيران وإليها لا يزال سارياً. ولم تغب إسرائيل عن المناسبة، إذ شنت عشر غارات جوية على مواقع في الجنوب والبقاع. وتردد أن الطائرات المقاتلة التي حلقت مرتين على علو منخفض فوق بيروت، هي نفسها التي أغارت على مقري نصر الله وصفي الدين.

ويتفق المحللون على أن قوة حزب الله بعد نصر الله ستختلف جذرياً عما كانت بوجوده، خصوصاً أن الحزب خسر سيطرته على منطقة جنوب الليطاني التي كان يستخدمها لمشاغلة إسرائيل باسم المقاومة.

كما فقد خطوط الإمدادات العسكرية الإيرانية عبر سوريا، وسيواجه استحقاقات ما بعد الحرب في لبنان، وسط دعوات داخلية وخارجية إلى نزع سلاحه وتفكيك بنيته العسكرية وانضوائه تحت مظلة الدولة. لذلك يبدو تشييع نصر الله بمثابة نهاية مرحلة وبداية أخرى في حياة حزب الله.