يبدو أن لبنان مقبل على مرحلة صعبة سوف تزيد في تعميق جراحه التي لا تنتهي منذ أواسط القرن الماضي. عنوان الأزمة اليوم هو سلاح حزب الله. طبعا ليس الموضوع بجديد لأنه طُرح سابقا ولو بشيء من الاحتشام خارج الأطر الرسمية، أما اليوم فهو يطرح بقوة في سياق انقلاب كلي للأوضاع الأمنية محليا وإقليميا قد لا يترك للحزب أي خيار.    

يطرح الموضوع اليوم ولأول مرة في سياق ما يمكن اعتباره انهيارا كبيرا للقدرة العسكرية للحزب سواء بسبب هزيمة الحليف التاريخي بشار الأسد أو خاصة بسبب الضربات التي تلقاها من إسرائيل وبشكل خاص إثر ما أصبح يعرف بعملية البيجر.

كما ساهمت مختلف الضربات التي تلقتها إيران، سواء في سوريا أو حتى داخل أراضيها بعد الضربات الأمريكية الإسرائيلية، في إضعاف موقع حزب الله من التوازن السياسي الأمني الداخلي. رغم ذلك لا يبدو أن الحزب على استعداد لقبول سعي الحكومة اللبنانية حصر التسلح في القوات النظامية حسب ما تم الاتفاق عليه بضمانة أمريكية. 

خطاب حزب الله وحججه فيما تعلق بعلاقة سلاحه بالدولة معروفة. فهو يعتبر سلاحه سلاح مقاومة موجه بالأساس لإسرائيل التي تحتل بعض المواقع جنوب لبنان بالإضافة إلى تهديدها المستمر لأمن البلد. كما يعطي الحزب بعدا قوميا لسلاحه من خلال ربطه بالقضية الفلسطينية وضمنها يدخل تحالفه مع حركة حماس في حربها الأخيرة في غزة.  

في المقابل، يمكننا القول بأن واقع الأمر كما المبدأ يحيل على أن سلاح الحزب أصبح بالفعل عبئا ثقيلا على الدولة اللبنانية وعلى اللبنانيين. فمن حيث المبدأ لا يمكن تصور وجود تنظيمات مسلحة داخل دولة ما تنافس الجيش النظامي. لأن ذلك يتعارض كلية مع مفهوم الدولة الوطنية التي تحتكر امتلاك وسائل الإكراه. من جهة ثانية، لا يخفى أن حزب الله فصيل مسلح على أسس طائفية في دولة لم تجد السلطة المركزية فيها سبيلا لفرض ذاتها أمام الطوائف ففضلت اللعب على التوازن بينها. وفي هذا السياق مثل سلاح حزب الله أحد العناصر التي تحدد مسار التوازن بينه وبين الطوائف الأخرى. ونحن في هذه الحالة أبعد ما يكون عن مبدأ المقاومة. كما ابتعد الحزب الشيعي عن هذا المبدأ من خلال انخراطه في الحرب الأهلية السورية إل جانب بشار الأسد ليتحول إلى جزء من مشروع طائفي إقليمي.  

لذلك تقودنا جملة هذه الاعتبارات وخاصة مصلحة لبنان واللبنانيين في بناء دولة تقوم على المواطنية أن يصبح حزب الله قوة سياسية مدنية لا أكثر.