
Sign up to save your podcasts
Or
خلال أقل من اسبوعين في البيت الابيض نجح الرئيس دونالد ترامب في زج الولايات المتحدة والعالم في حالة انعدام يقين والتساؤل عن ما ستحمله الايام المقبلة من مفاجآت وصدمات عير مسبوقة.
يمثل ترامب حالة أو ظاهرة سياسية لم تعرفها الولايات المتحدة في تاريخها. والرجل الذي انتخب رئيسا للولايات المتحدة دون أن يخدم قبل ذلك في أي منصب سياسي او عسكري، يفخر بانه لا يتصرف او لا يتحدث كسياسي محترف، وبأنه يسبح عكس التيار ويطرح نفسه كانقلابي أو معطل للأعراف والتقاليد والمسلمات السياسية بالمعنى المتعارف عليه. وهذا ما يفسر ميله، لا بل ولعه بكسر المألوف أو تعطيل كل ما هو معمول به.
منذ الساعات الأولى لانتخابه، بدأ ترامب باتخاذ سلسلة غريبة من القرارات، بدءاً من العفو العام عن المئات من أنصاره الذين اقتحموا مبنى الكابيتول قبل أربع سنوات لإبقائه في السلطة بالقوة، إلى الانتقام من خصومه السياسيين، وطرد جميع المفتشين المستقلين الذي يراقبون عمل الوزارات، وتطهير مكتب التحقيقات الفدرالي (الاف بي آي) من المسؤولين البارزين فيه، إلى شن حملة شاملة لا هوادة فيها لطرد المهاجرين أو اللاجئين غير الموثقين حيث سينتهي الآلاف منهم وفقا لترامب في معسكر غوانتانامو في كوبا.
في الخارج، جمد ترامب معظم برامج المساعدات الخارجية مع استثناءات قليلة تشمل الإبقاء على المساعدات العسكرية لإسرائيل ومصر، إلى التهديد بالاستيلاء على قناة بنما وجزيرة غرينلاند الشاسعة حتى ولو اقتضى الامر استخدام القوة العسكرية، إلى فرض رسوم جمركية على جارتي وحليفتي الولايات المتحدة أي كندا والمكسيك بنسبة 25% وعلى الصين، التي تعتبر أكبر منافس اقتصادي في العالم للولايات المتحدة بنسبة عشرة بالمئة لمعاقبة هذه الدول على ما يدعيه ترامب دورهم في تصدير "مخدرات fentanyl الفنتانيل غير القانوني الذي ينتجونه ويسمحون بتوزيعه في بلادنا" وفقا للناطقة باسم البيت الابيض.
يبقى أن الانقلاب الكبير الذي اعتمده ترامب في السياسة الخارجية هو اقتراحه الخطير والمخالف لكل مواقف الرؤساء الاميركيين السابقين، والذي تقدم به للعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني في مكالمة هاتفية والقاضي باقتلاع عدد كبير من الفلسطينيين من سكان غزة ونقلهم "بشكل مؤقت أو طويل الاجل" إلى الأردن ومصر، مدعياً أن ذلك سوف يؤدي إلى "تنظيف المنطقة بكاملها" وإخراج القطاع من مرحلة الفوضى على حد قوله.
طلب ترامب المفاجئ يعكس جهله بتاريخ القضية الفلسطينية، كما يعكس ميله لاتخاذ مثل هذه المواقف المثيرة ليس فقط للجدل الحاد بل الاستهجان. الرفض الأردني والمصري لهذا الطلب جاء سريعا، ولكنه لم يخف قلق الحكومتين من أن يقوم ترامب في المستقبل بربط المساعدات للبلدين بتنفيذ طلبه الخطير.
ليس من المبالغة القول إن قرارات ترامب الداخلية ترقى إلى مستوى شنّ الحرب ضد ما يعتبره وأنصاره "الدولة العميقة" أو البيروقراطية التقليدية المتجذرة التي حققت في تصرفاته وانتهاكاته المتكررة للقوانين الأمريكية، والذي يعاقبها الآن بغض النظر عن مضاعفات ذلك على السلم الداخلي.
في الخارج يقول ترامب للعالم إن ليس لديه حليف أو صديق، وإن تصرفاته سوف تعكس مركزه القوى، وإنه لن يبالي ليس فقط بمتطلبات القانون الدولي، بل بالاتفاقات التي وقعت عليها الولايات المتحدة، بما في ذلك اتفاق التجارة الحرة مع كندا والمكسيك الذي وقع عليه ترامب في ولايته الاولى، والذي ينقضه الآن بفرض الرسوم الجمركية على البلدين.
4.7
33 ratings
خلال أقل من اسبوعين في البيت الابيض نجح الرئيس دونالد ترامب في زج الولايات المتحدة والعالم في حالة انعدام يقين والتساؤل عن ما ستحمله الايام المقبلة من مفاجآت وصدمات عير مسبوقة.
يمثل ترامب حالة أو ظاهرة سياسية لم تعرفها الولايات المتحدة في تاريخها. والرجل الذي انتخب رئيسا للولايات المتحدة دون أن يخدم قبل ذلك في أي منصب سياسي او عسكري، يفخر بانه لا يتصرف او لا يتحدث كسياسي محترف، وبأنه يسبح عكس التيار ويطرح نفسه كانقلابي أو معطل للأعراف والتقاليد والمسلمات السياسية بالمعنى المتعارف عليه. وهذا ما يفسر ميله، لا بل ولعه بكسر المألوف أو تعطيل كل ما هو معمول به.
منذ الساعات الأولى لانتخابه، بدأ ترامب باتخاذ سلسلة غريبة من القرارات، بدءاً من العفو العام عن المئات من أنصاره الذين اقتحموا مبنى الكابيتول قبل أربع سنوات لإبقائه في السلطة بالقوة، إلى الانتقام من خصومه السياسيين، وطرد جميع المفتشين المستقلين الذي يراقبون عمل الوزارات، وتطهير مكتب التحقيقات الفدرالي (الاف بي آي) من المسؤولين البارزين فيه، إلى شن حملة شاملة لا هوادة فيها لطرد المهاجرين أو اللاجئين غير الموثقين حيث سينتهي الآلاف منهم وفقا لترامب في معسكر غوانتانامو في كوبا.
في الخارج، جمد ترامب معظم برامج المساعدات الخارجية مع استثناءات قليلة تشمل الإبقاء على المساعدات العسكرية لإسرائيل ومصر، إلى التهديد بالاستيلاء على قناة بنما وجزيرة غرينلاند الشاسعة حتى ولو اقتضى الامر استخدام القوة العسكرية، إلى فرض رسوم جمركية على جارتي وحليفتي الولايات المتحدة أي كندا والمكسيك بنسبة 25% وعلى الصين، التي تعتبر أكبر منافس اقتصادي في العالم للولايات المتحدة بنسبة عشرة بالمئة لمعاقبة هذه الدول على ما يدعيه ترامب دورهم في تصدير "مخدرات fentanyl الفنتانيل غير القانوني الذي ينتجونه ويسمحون بتوزيعه في بلادنا" وفقا للناطقة باسم البيت الابيض.
يبقى أن الانقلاب الكبير الذي اعتمده ترامب في السياسة الخارجية هو اقتراحه الخطير والمخالف لكل مواقف الرؤساء الاميركيين السابقين، والذي تقدم به للعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني في مكالمة هاتفية والقاضي باقتلاع عدد كبير من الفلسطينيين من سكان غزة ونقلهم "بشكل مؤقت أو طويل الاجل" إلى الأردن ومصر، مدعياً أن ذلك سوف يؤدي إلى "تنظيف المنطقة بكاملها" وإخراج القطاع من مرحلة الفوضى على حد قوله.
طلب ترامب المفاجئ يعكس جهله بتاريخ القضية الفلسطينية، كما يعكس ميله لاتخاذ مثل هذه المواقف المثيرة ليس فقط للجدل الحاد بل الاستهجان. الرفض الأردني والمصري لهذا الطلب جاء سريعا، ولكنه لم يخف قلق الحكومتين من أن يقوم ترامب في المستقبل بربط المساعدات للبلدين بتنفيذ طلبه الخطير.
ليس من المبالغة القول إن قرارات ترامب الداخلية ترقى إلى مستوى شنّ الحرب ضد ما يعتبره وأنصاره "الدولة العميقة" أو البيروقراطية التقليدية المتجذرة التي حققت في تصرفاته وانتهاكاته المتكررة للقوانين الأمريكية، والذي يعاقبها الآن بغض النظر عن مضاعفات ذلك على السلم الداخلي.
في الخارج يقول ترامب للعالم إن ليس لديه حليف أو صديق، وإن تصرفاته سوف تعكس مركزه القوى، وإنه لن يبالي ليس فقط بمتطلبات القانون الدولي، بل بالاتفاقات التي وقعت عليها الولايات المتحدة، بما في ذلك اتفاق التجارة الحرة مع كندا والمكسيك الذي وقع عليه ترامب في ولايته الاولى، والذي ينقضه الآن بفرض الرسوم الجمركية على البلدين.
26 Listeners
2 Listeners
5 Listeners
3 Listeners
102 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
58 Listeners
3 Listeners
0 Listeners
119 Listeners
34 Listeners
3 Listeners
23 Listeners