السلطان السيد سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد البوسعيدي، حفيد الإمام أحمد بن سعيد
(1156-1198هـ/1744-1783م) مؤسس الدولة البوسعيدية. والده السيد سلطان الذي تولى حكم عُمان في الفترة
(1206-1219هـ/ 1792-1804م)، وتُوفى في 13 شعبان 1219هـ/ 16 نوفمبر 1804م.
ووالدته السيدة غنية بنت سيف بن محمد بن سعيد بن محمد بن خلف، وهي عمة السيد حمودبن أحمد بن سيف البوسعيدي
. وُلد السيد سعيد بن سلطان في عام 1206هـ/ 1791م، في سمائل، و
له من الإخوة الذكور: سالم وحمد، وأخت تُدعى عائشة. وأعمامه: هلال، وسعيد، وقيس، وسيف، وطالب، ومحمد. وعماته: موزة، وعفراء، وميرا. تولى السلطان السيد سعيد بن سلطان الحكم في شعبان 1219هـ/ ديسمبر 1804م، متجاوزاً أخيه سالم الذي يكبره؛ وذلك برأي عمته السيدة موزة بنت الإمام أحمد، وبرضى أخيه سالم. وعندما تُوفى والده السيد سلطان كان عمر السيد سعيد حوالي 13 سنة. وواجه في بداية عهده الكثير من الصعاب فكان صغيراً في السن وكانت عمته السيدة موزة وصية عليه وقامت بدور مهم في مساعدة السيد سعيد في تجاوز الصعوبات التي واجهها في بداية تسلمه الحكم، بالإضافة إلى وصاية الشيخ محمد بن ناصر الجبري.استطاع السلطان سعيد بن سلطان بناء امبراطورية مترامية الأطراف هي الأوسع لعُمان في التاريخ الحديث، شملت أراضيها قارتي آسيا وأفريقيا، فامتدت في أفريقيا من مقديشيو شمالاً وحتى رأس دلجادو جنوباً، كما امتد النفوذ العُماني في الشمال الغربي حتى مملكة أوغندا، وغرباً حتى أعالي الكونغو (زائير حالياً). وكانت حوله بعض الشخصيات التي اعتمد عليها في بناء هذه الإمبراطورية من وزراء وقضاة وولاة وقادة عسكريون.يكاد يُجمع المؤرخون أن فترة السلطان السيد سعيد بن سلطان هي الفترة الذهبية في التاريخ العُماني الحديث لاعتبارات مهمة منها: اتساع النفوذ السياسي لعُمان بشكل لم تشهده قط بين قارتي آسيا وأفريقيا. والمركز المرموق الذي تمتع به السلطان السيد سعيد بن سلطان في المجال الدولي، بالإضافة إلى شعبيته الواسعة بين أفراد شعبه. وقد تمكن السلطان السيد سعيد بن سلطان من تثبيت الحكم العُماني لأسرة البوسعيد في الساحل الشرقي لأفريقيا، لاسيما بعد اتخاذ زنجبار عاصمة ثانية في عام 1247هـ/ 1832م، الأمر الذي عزز من قيام دولة عربية إسلامية لها تاريخها وتراثها فطبعت الساحل الأفريقي بطابعها العربي الإسلامي المتميز. مع الأخذ في الاعتبار أن إقامة السلطان السيد سعيد بن سلطان في زنجبار واتخاذها عاصمة لإمبراطوريته لم تشغله عن الوطن الأم عُمان، فكان يتردد بين عُمان وزنجبار، وكان يعين نائباً عنه في زنجبار عند سفره إلى عُمان.
تميزت فترة حكم السلطان السيد سعيد بن سلطان بتنامي قوة الاقتصاد العُماني، المستند إلى تقدم وتطور التجارة العُمانية التي اعتمدت على أسطول تجاري ضخم (اعتبره الخبراء ثاني أكبر أسطول في المحيط الهندي في ذلك الوقت) تسانده قوة بحرية متميزة. فكانت قوة السيد سعيد البحرية في سنة 1840م تتألف من 3 فرقاطات (سفن حربية سريعة) و4 طرادات بالمدفعية المغطاة، وطرادين بمدفعية السطح، وسبع ناقلات جنود بها 6 إلى 12 مدفعا. عدا هذه السفن فإن السيد سعيد كان يملك عشرات السفن من البغال والبتيل مسلحة بمدفعين إلى 6 مدافع، ومن أسماء السفن: الرحماني، ليفربول، شاه علم، كارولين، فيكتوريا، الأماني، مونتي، فيض علم، سلطان، أرتيمز، انجلند، كيرلو، بسيشي، نصيري (الناصري)، غزال، تاج، فيستال، انتيلوب، شط الفرات.
تُوفى السلطان السيد سعيد بن سلطان في 19 صفر 1273هـ/ 19 أكتوبر 1856م، في طريق عودته من عُمان إلى زنجبار، على متن فرقاطته كوين فيكتوريا. وله من العمر 65 عاماً، واستمر حكمه لمدة 52 عاماً. يؤرخ ذلك ابن رزيق بقوله: "... وكانت وفاته لما انفصل عن بلدة مسقط إلى بلدة زنجبار، في مركبه المسمى فيكتوريا على بحر سيشل، فغسل وكفن وصلي عليه في المركب المذكور، ووضع في صندوق من خشب، وأخذ المركب المذكور في سيره ستة أيام من سيشل إلى زنجبار، ودفن في حديقة بيته الذي يسكنه بزنجبار ليلاً، وقعد ولداه ماجد وبرغش في التعزية للناس ثلاثة أيام".
تصف السيدة سالمة والدها السيد سعيد بن سلطان: "لم يكن المرحوم رئيساً محبوباً لعائلته فقط، بل كان أيضاً الأمير الأنقى ضميراً والأب الحقيقي لشعبه. وقد أظهر الحزن على وفاته مقدار حب الشعب له. رفعت على جميع البيوت أعلام سوداء، ورفع حتى أكثر الأكواخ فقرا راية صغيرة سوداء".
وكتب رتشارد بيرتون بعد سنة من وفاته السيد سعيد واصفاً إياه: "فطين معقول، متدين جداً دون تعصب، ليّن الجانب ومهذب، مهيب الطلعة متميز السمات". وفي تأبين له كتب يقول: "الأول في الحرب، والأول في السلم، والأول في قلوب أهل بلده .. سلام على روحه".