أوتو فون بسماركهو المستشار الألماني الذي كان له دور مهم في العلاقات بين سلطنة زنجبار وألمانيا في عهد السلطان خليفة بن سعيد. ولد بسمارك في 1 أبريل 1815م، وتوفى 30 يوليو 1898م. قام بسمارك بدور كبير في توحيد الولايات الألمانية وتأسيس الإمبراطورية الألمانية وأصبح أول مستشار لها منذ تأسيسها في عام 1871م وحتى عزله من قبل الامبراطور ولهلم الثاني في 20 مارس 1890م وذلك لتباين وجهات النظر بين الرجلين. تولى منصب المستشار الألماني خلال فترة حكم ثلاثة أباطرة: ولهلم الأول وفريدريك الثالث وولهلم الثاني. وكان لبسمارك الدور الأكبر في رسم السياسة الداخلية والخارجية لألمانيا خلال فترة زمنية طويلة امتدت لعشرين عاماً تقريباً.شهدت العلاقات بين سلطنة زنجبار وألمانيا في عهد السلطان خليفة بن سعيد، نشاطاً دبلوماسياً ظهر في المراسلات التي تثبتها الوثائق بين الجانبين، والتي توثق تبادل القناصل، والوفود والهدايا بين الجانبين. وتبدأ تلك المراسلات من خلال رسالة موجهة من السلطان خليفة بن سعيد سلطان زنجبار
إلى ولهلم الثاني إمبراطور ألمانيا وملك بروسيا يعزيه في وفاة والده، ويهنئه بمناسبة توليه الحكم، مؤرخة في:
19/12/1305هـ-26/8/1888م، ومما توثقه المراسلات المتبادلة بين الجانبين أيضاً رسالة من السلطان خليفة
إلى بسمارك وزير خارجية ألمانيا يشكره على الموافقة في تعيين ألبات أسولد كقنصل لسلطان زنجبار في همبورج بألمانيا، مؤرخة في: 17/12/1305هـ- 24/8/1888م. ورسالة أخرى من السلطان خليفة إلى
القنصل الجنرال ألبات أسولد يعلمه فيها بموافقة بسمارك وزير خارجية ألمانيا على تعيينه كقنصل لسلطان زنجبار في ألمانيا ومباشرة أعماله في المنصب. 17/12/1305هـ- 24/8/1888م.
كما تبادل الجانبان الوفود، فتوجه وفد مرسل من السلطان خليفة بن سعيد إلى برلين لمقابلة الإمبراطور الألماني ولهلم الثاني، وكانت هناك مراسلات لترتيب تلك الزيارة، منها: رسالة من نائب القنصل الألماني في زنجبار إلى خليفة بن سعيد سلطان زنجبارحول موعد سفر الوفد المُرسل من سلطان زنجبار إلى برلين لمقابلة الإمبراطور الألماني ولهلم الثاني وذلك لعمل الترتيبات اللازمة لاستقباله، مؤرخة في: 5/12/1306هـ- 1/8/1889م. وبعد انتهاء الزيارة، أرسل الامبراطور ولهلم الثاني قيصر ألمانيا وملك بروسيا رسالة إلى السلطان خليفة بن سعيد سلطان زنجبار
يشكره فيها على الوفد المرسل منه، وعلى الهدايا المرسلة منه من خلال الوفد الذي زاره في برلين، مؤرخة في: 5/2/1307هـ- 30/9/1889م. كما تلقى السلطان خليفة رسالة من بسمارك المستشار الألماني يشكره على الوفد المُرسل (ومنهم: سعود بن حمد ومحمد بن سليمان) من جلالته لمقابلة الامبراطور ولهلم الثاني (1888-1918م) ويبلغه رغبة الامبراطور الألماني في استقرار الأوضاع في منطقة البر الأفريقي طالباً مساعدة سلطان زنجبار في تحقيق ذلك. كما يبلغه الموافقة على طلب جلالته في خفض ضريبة العشور التي تأخذها الشركة الألمانية، مؤرخة في: 10/3/1307هـ- 3/11/1889م.كما تناولت المراسلات الدبلوماسية بين الطرفين موضوع التهدئة بين السلطان خليفة بن سعيد والشركة الألمانية الأفريقية، فتلقى السلطان خليفة رسالة من الامبراطور ولهلم الثاني قيصر ألمانيا وملك بروسيا يبلغه
برفع موضوع شكاوى جلالته تجاه الشركة الألمانية الأفريقية إلى المستشار بسمارك، مع طمأنة جلالته بإمكانية التوصل إلى اتفاق مُرْضي للطرفين بما يضمن علاقات الود والصداقة بين البلدين مؤرخة في: 19/12/1306هـ- 15/8/1889م (الوثيقة ترجمة باللغة العربية عن الألمانية)
، سبقتها رسالة من بسمارك المستشار الألماني إلى السلطان خليفة بن سعيد
يبلغه عن رفضه للفعل الذي قامت به الشركة برفع علمها إلى جانب علم جلالته، كما يوضح له أنه سينظر إلى الشكاوى المرفوعة ضد الشركة الألمانية الأفريقية بخصوص الضرائب بالرجوع إلى الاتفاقية المبرمة بين الطرفين، وأخيراً يؤكد على حرص الامبراطور ولهلم على علاقات الود والصداقة بين البلدين، مؤرخة في: 11/12/1306هـ- 7/8/1889م.
ويذكر المغيري: "وفي عام 1307هـ/ 1890م أهدت المستعمرات الألمانية المعروفة بالمرائم في هذه الأفريقية سيفاً مذهباً، بواسطة الشيخ الجليل سليمان بن ناصر اللمكي، الذي قدمه بنفسه لجلالة ملك الألمان في برلين، مطرزاً بصفائح الذهب، وعصا ذهبية بغاية الهندسة والاتقان". كما يذكر الباحث بنيان سعود تركي أن قيصر ألمانيا أهدى السلطان خليفة بن سعيد ساعة ثمينة مطلية بالذهب
عموماً،
تعود جذور العلاقات التاريخية بين الألمان وزنجبار إلى عهد السلطان السيد سعيد بن سلطان، واتخذت تلك العلاقات الجانب الرسمي في عهد السلطان ماجد بن سعيد
(1273-1287هـ/ 1856-1870م) من خلال توقيع معاهدة تجارية بين سلطان زنجباروالمدن الهانزية الحرة الألمانية: (لوبيك، بريمن، هامبورغ) حول المصالح التجارية المشتركة بين الطرفين، والموقعة بتاريخ: 11/11/1275هـ -13/6/1859م.واتخذت العلاقات الألمانية مع سلطنة زنجبار في عهد السلطان خليفة بن سعيد بعدين:- البعد السياسي- الاقتصادي (الاستعماري): وهذا يظهر من خلال الشركة الألمانية الشرقية ومحاولتها في التعدي على أملاك سلطنة زنجبار، وانعكس ذلك سلبياً من خلال ثورة الشيخ بشير بن سالم الحارثي وما ترتب عليه من حصار لزنجبار وتوقيع عدد من الاتفاقيات حول تجارة السلاح والعبيد.- البعد الدبلوماسي: ويتضح من خلاله العلاقات الودية بين السلطان خليفة بن سعيد والامبراطور ولهلم الثاني، فتم تبادل السفراء، والوفود والهدايا وهو ما تكشفه الوثائق التي تسجل تلك المراسلات بين الطرفين.الجدير بالذكر أن الأطماع الاستعمارية للألمان في عهد السلطان خليفة بن سعيد أدت إلى رضوخ السلطان علي بن سعيد لضغط الإنجليز وقبوله توقيع اتفاقية وضع زنجبار تحت الحماية الإنجليزية في 4 نوفمبر 1890م.