
Sign up to save your podcasts
Or
ما من شك في أن مواضيع الساعة في كل وسائل الإعلام العالمية منذ أشهر، وربما بالتحديد منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تدور في مجملها حول التغيرات الجيوستراتيجية، أو حول الحرب التجارية وحتى إمكانية حرب عالمية بما فيها الضربات النووية. بالتأكيد هناك وجاهة ما للتركيز على هذه المواضيع التي فرضها الفاعلون الرئيسيون في العلاقات الدولية، غير أن جزء من المسكوت عنه هو ما تعانيه شعوب الهامش من جراء هذه التحولات وربما على رأسها موضوع التغذية. فقد أعلن برنامج الأغذية العالمي خلال الأسبوع المنقضي وقف برنامج المساعدة في أثيوبيا الشهر المقبل بسبب ضائقة مالية.
مثل هذا القرار يعيد إلى الأذهان صور المجاعة في هذا البلد وفي أفريقيا عموما خلال الثمانينات. فقد تضررت أثيوبيا خلال السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية التي اندلعت في إقليم تيغراي وأدت إلى وفات ما يقارب 600 ألف شخص وتهجير العديد من السكان داخليا وخارجيا مما عمق من مشكل التغذية. قرار البرنامج العالمي للتغذية مرتبط بالأساس بما حصل من تغيرات في دول أخرى. فهو ناتج عن إغلاق ترامب للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والتي سوف تحرم ما بين وثلاث وخمس ملايين أثيوبي من المساعدة الغذائية. فالصندوق يشكو بطبيعته من أزمة مزمنة غير أن قرار إدارة ترامب مثل ضربة قاسمة.
عودة عالم المجاعات، وهي في الأصل سمة الفترة القروسطية من التاريخ، مرتبطة أيضا بعودة عالم الحرب. فقد تضررت عديد دول الهامش وخاصة في أفريقيا من الحرب الروسية على أوكرانيا وهما البلدان الأكثر تصديرا للحبوب. حيث تم استعمال القمح، عبر الحصار وضرب موانئ التصدير، سلاحا في هذه الحرب تضررت منه فقط الدول الصغيرة ومواطنيها. أما الخطر الأكبر فيتمثل في غياب أفق لنهاية هذه الحرب، بل على العكس من ذلك يبدو أن طبول حروب مستقبلية أصبحت تقرع في كل دول العالم الكبرى من أوروبا إلى الصين إلى اليابان وكندا والولايات المتحدة. ويعني ذلك ببساطة تحويل كل تمويلات المساعدات إلى المجهود الحربي في الدول المانحة بما يعنيه زيادة توسع رقعة الفقر وسوء التغذية وحتى المجاعات.
المفارقة هنا، أن توجه عالم الشمال نحو الحرب سوف يزيد في توسع خطر المجاعة بما يدفع نحو زيادة أدفاق الهجرة والحال أن نفس هذا العالم يسعى إلى غلق حدوده أمام المهاجرين بفعل تأثير التيارات السياسية القومية. مفارقة يتضاعف خطرها في ظل تراجع تأثير المنظمات الدولية وكأن العالم يعود مجددا إلى القرن التاسع عشر.
4.7
33 ratings
ما من شك في أن مواضيع الساعة في كل وسائل الإعلام العالمية منذ أشهر، وربما بالتحديد منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تدور في مجملها حول التغيرات الجيوستراتيجية، أو حول الحرب التجارية وحتى إمكانية حرب عالمية بما فيها الضربات النووية. بالتأكيد هناك وجاهة ما للتركيز على هذه المواضيع التي فرضها الفاعلون الرئيسيون في العلاقات الدولية، غير أن جزء من المسكوت عنه هو ما تعانيه شعوب الهامش من جراء هذه التحولات وربما على رأسها موضوع التغذية. فقد أعلن برنامج الأغذية العالمي خلال الأسبوع المنقضي وقف برنامج المساعدة في أثيوبيا الشهر المقبل بسبب ضائقة مالية.
مثل هذا القرار يعيد إلى الأذهان صور المجاعة في هذا البلد وفي أفريقيا عموما خلال الثمانينات. فقد تضررت أثيوبيا خلال السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية التي اندلعت في إقليم تيغراي وأدت إلى وفات ما يقارب 600 ألف شخص وتهجير العديد من السكان داخليا وخارجيا مما عمق من مشكل التغذية. قرار البرنامج العالمي للتغذية مرتبط بالأساس بما حصل من تغيرات في دول أخرى. فهو ناتج عن إغلاق ترامب للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والتي سوف تحرم ما بين وثلاث وخمس ملايين أثيوبي من المساعدة الغذائية. فالصندوق يشكو بطبيعته من أزمة مزمنة غير أن قرار إدارة ترامب مثل ضربة قاسمة.
عودة عالم المجاعات، وهي في الأصل سمة الفترة القروسطية من التاريخ، مرتبطة أيضا بعودة عالم الحرب. فقد تضررت عديد دول الهامش وخاصة في أفريقيا من الحرب الروسية على أوكرانيا وهما البلدان الأكثر تصديرا للحبوب. حيث تم استعمال القمح، عبر الحصار وضرب موانئ التصدير، سلاحا في هذه الحرب تضررت منه فقط الدول الصغيرة ومواطنيها. أما الخطر الأكبر فيتمثل في غياب أفق لنهاية هذه الحرب، بل على العكس من ذلك يبدو أن طبول حروب مستقبلية أصبحت تقرع في كل دول العالم الكبرى من أوروبا إلى الصين إلى اليابان وكندا والولايات المتحدة. ويعني ذلك ببساطة تحويل كل تمويلات المساعدات إلى المجهود الحربي في الدول المانحة بما يعنيه زيادة توسع رقعة الفقر وسوء التغذية وحتى المجاعات.
المفارقة هنا، أن توجه عالم الشمال نحو الحرب سوف يزيد في توسع خطر المجاعة بما يدفع نحو زيادة أدفاق الهجرة والحال أن نفس هذا العالم يسعى إلى غلق حدوده أمام المهاجرين بفعل تأثير التيارات السياسية القومية. مفارقة يتضاعف خطرها في ظل تراجع تأثير المنظمات الدولية وكأن العالم يعود مجددا إلى القرن التاسع عشر.
26 Listeners
2 Listeners
5 Listeners
3 Listeners
103 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
58 Listeners
3 Listeners
0 Listeners
119 Listeners
26 Listeners
3 Listeners
19 Listeners