أسفرت الجولة الأولى من مفاوضات اسطنبول بين روسيا واوكرانيا، يوم الجمعة السادس عشر من أيار/مايو ، عن الاتفاق على تبادل الف أسير لكل منهما في أكبر عملية تبادل لأسرى الحرب منذ بداية القتال في عام 2022. واتفقت موسكو وكييف أيضاً على تبادل مقترحات مفصلة بشأن وقف اطلاق النار. 

لم تكن مفاجئة حصيلة أول اجتماع مباشر  بحضور تركي منذ ربيع العام 2022، لأن الهوة بقيت سحيقة بين المطالب والشروط المتبادلة، ولأن الفشل كان متوقعاً لاجتماع أراده الطرفان لاستطلاع المواقف لا للوصول إلى بدء حلحلة لملف معقد. 

إثر فشل محاولات ادارة دونالد ترامب منذ أواخر يناير الماضي ، تسارعت المناورات الدبلوماسية مع اقتراح بوتين هدنة قصيرة ليومين بمناسبة عيد النصر على النازية ، وأتى الرد من الرباعي الأوروبي-  الفرنسي -البريطاني- الالماني -البولندي  خلال وجوده في كييف باقتراح وقف اطلاق النار لمدة شهر من دون شروط حتى تبدأ المفاوضات . وسرعان ما اقترح بوتن على زيلينسكي في 11 مايو ، إجراء مفاوضات مباشرة بين كييف وموسكو. ورد الرئيس الاوكراني بقبول ذلك مقترحاً لقاء نظيره الروسي في اسطنبول 

من خلال اقتراح المحادثات المباشرة، أراد الرئيس الروسي سحب البساط من تحت أقدام أوكرانيا، واذا كان زيلينسكي قد تفادى الفخ وطرح اللقاء المباشر مع القيصر الجديد ، اذ انه كان يعلم ضمنا ان بوتين لن يقبل بذلك ، فقد رفض بشكل منهجي أي اتصال معه منذ قمة باريس في ديسمبر/كانون الأول 2019، وبحسب مصدر روسي كان من الطبيعي  ألا يحضر بوتين بناء على  "استدعاء" مصحوب بتهديدات بفرض عقوبات أوروبية. بيد ان الحقيقة في مكان آخر تكمن في تفضيل فلاديمير بوتين لقمة ثنائية مع دونالد ترامب تتطرق إلى الأزمات الدولية بما فيها الأزمة الاوكرانية . ويبدو ان الرئيس الأمريكي لن يفوت هذه الفرصة لانه راهن كثيرا على رعاية الحل واعادة رسم الاستراتيجية الاميركية حيال النزاعات في العالم 

في خلاصة اسبوع من السجال الدبلوماسي، يتضح ان  فلاديمير بوتن يظن أنه في موقف قوة، بالنظر إلى التقدم الثابت و البطيء   لجيشه في شرق أوكرانيا. ويعلم أن الوقت في صالحه، إذ إن إدارة ترامب التي تسعى لاتفاق باي ثمن لا تعارض موقف الكرملين القائل بعدم قبول وقف لإطلاق النار دون اتفاق سلام شامل، لا سيما أن  الديناميكية العسكرية توجد  في الجانب الروسي. في المقابل ، بالرغم من الضغط الأمريكي عليه، يناور فلوديمبر زيلينسكي مستنداً إلى العمق الأوروبي محاولا ربط مصير بلده بأمن أوروبا الاستراتيجي