من بين أركان وعبادات وفرائض الإسلام، نجد تلك العبادة المشروطة بشرط لم يوضع إلا للتخفيف على الأمة.
فالركن الخامس من أركان الإسلام كما نعلم جميعا هو حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
و تفسيرات كلمة "سبيلا" بتتسع حسب آراء المفسرين لتشمل: المال، والزاد، والبعير، والصحة والقوة. ببساطة إنت بتسقط عنك الفريضة لو مش معاك الفلوس اللازمة لأداءها، أو لو دبرت الفلوس اللازمة للسفر لكن مش معاك يكفي للصرف على الأكل والشرب هناك،أو لو دبرت كل ده لكن صحتك ما تستحملش السفر أو مشقة الحج نفسه خاصة في درجات الحرارة القياسية، فالأمر الإلهي في الحالات دي بيعفيك من الفريضة اللي ممكن تكون سبب في هلاكك أو مرضك زيادة. وأخيرا إذا ماكانش فيه فرصة للذهاب أصلا، لأن المسئول عن تسهيل أداء الفريضة قرر إن المكان مش هيستحمل أعداد أكتر من كده حتى يتم توفير الأمان للحجاج وعودتهم لأهلهم في سلام.
لكن العالمين ببواطن الأمور، والمعتادين على سلو بلادنا، عارفين المقاومة الشديدة اللي بيقوم بيها ناس كتير ضد أي نوع من أنواع التيسير عليهم، أو أي شكل من أشكال التنظيم من أجل تآخي التجربة الدينية مع التجربة الإنسانية، ولسان حالهم دايما بيقول:” إيه دخل الدين بالإنسانية؟ بلاش خلط للأمور”!
بنشوفها كل رمضان مع الحوامل والمرضعات اللي بيصروا يصوموا الشهر كامل رغم إن لهم رخصة وليها أسباب، خاصة إن تجربة الصيام وقتها ما بتكونش مضرة للحامل أو المرضعة فقط وإنما للطفل اللي هي مسئولة عنه أمام ربنا، أو للجنين اللي لسه في علم الله.
وبنشوفها مع الناس اللي بترفض قصر أو جمع الصلاوات بسبب السفر، وتلاقيه معطل أتوبيس بحاله عشان مش مقتنع إن طرق السفر الجديدة المرفهة دي تمشي معاها الرخصة دي، على الرغم من إنه عارف إن الله يحب أن تؤتى رخصه.
و كذلك الناس اللي بتستلف عشان تضحي، يا أخينا ما انت لو مش معاك مش مفروض عليك تضحي، هي أصلها مش بالدراع !،
لكن نظرية "بالدراع"، ونظرية "الأخذ بالأحوط" هما بعض من النظريات اللي بتتسبب إننا كل سنة نشوف شكلنا كجمع عشوائي يكره النظام والتعامل الإنساني الصحيح، في سبيل إنه يسدد خانة فرض ما.
السنة دي مثلا كانت الشكوى من السلطات في السعودية من الحج غير النظامي، ويقال إن عدد الحجاج بدون تصريح السنة دي قارب عدد حجاج الحج النظامي واللي صادرلهم تأشيرة صحيحة ومحسوب حسابهم عند السلطات.
ببساطة الطريق اللي بيسمح بتعدية مليون حاج أكيد مش هيعدي بسهولة ٢ مليون، والخدمات الأمنية والصحية وتوفير الغذاء والماء والعلاج لمليون، غير خالص ٢ مليون.
إذا فكل واحد دخل عن طريق التلاعب بالتأشيرات بيضر فعليا شخص آخر مشي الطريق رسمي وأخد تأشيرته عبر القنوات الصحيحة.
ناهيك عن حالات التدافع والزحام اللي بيتسبب في تكاثر أعداد المفقودين وفي سقوط موتى في أحيان كتير
وكل ده عشان إيه؟ يعني ربنا اللي قالك (لا جدال في الحج)، هيبقى بالنسبة له عادي (الفهلوة في الحج؟).
وإذا كان مجرد الجدل مع شخص آخر يفسد حجك، ما بالك بالتعدي على حقه وسلامه وأمنه وراحته.
بس هنقول إيه في الناس المصممين إن الدين ليس له علاقة بالقواعد والقوانين،والأرض أرض الله، وماحدش لامؤاخذة له حاجة عندنا، وأنه لا يجب خلط الدين بالإنسانية ولا بالنظام، وإنما بيفضلوا إنهم يتعاملوا معاه بطريقة (اخطف واجري)، فمالكم كيف تحكمون؟