في كل مناسبة وأثناء أي احتفال، بيخرج لنا أشخاص أصحاب أصوات الله أعلم بيها، يشدوا الزينة، ويخطفوا بلالين العيال، ويشدوا فيشة الفرح ويرفعوا الرايات السوداء، ويصرخوا في وشنا: عيد؟ انتم بتحتفلوا بالعيد، انتم مش شايفين اللي بيحصل حواليكم؟ عليكم لعنات الله.
وفي كل مناسبة وأثناء أي احتفال بيحاول البعض انهم يقلبوه ضلمة، لإنهم بيعشقوا الخنقة وضيق التنفس، بنرد عليهم ونقولهم: إنما هي سنة الله في أرضه.
هل العالم مليان مآسي؟ ..طبعا مليان مآسي. هل يعاني الناس ويقاسي البشر كل يوم؟ .. بيعانوا يافندم بالتأكيد. هل قلوبنا بتتقطع كل يوم على قتلى وجرحى بيقعوا على بعد حجر مننا. قلوبنا بتتقطع وبندعي ربنا كل يوم انه يعفو عنهم ويسامحنا على ضعفنا وقلة حيلتنا.
لكن في النهاية، الكرة الأرضية لا تتوقف عن الدوران. وكون اننا لسه متمسكين ببعض من الأمل في حياة طبيعية ولو حتى لأيام قليلة فده يحسب لنا ما يحسبش علينا.
لو اتكلمنا بلسان الناس الحكيمة، هنقول إن الاحتفال بالعيد مش تخلي عن المسئولية وإنما نوع من الصمود. احنا مش بنحاول نفرح عشان احنا غافلين عن اللي بيحصل حوالينا، بل لإننا محتاجين قوة تخلينا نواصل دعم المحتاجين لينا. عشان نحتفظ بشوية أمل في أيام وأحوال طبيعية بيقول ان احنا نستحق ده، زينا زي كل مخاليق ربنا في أرضه الواسعة.
، ولو اتكلمنا بلسان علم النفس، فهنلاقيه بيأكد ان التعرض المستمر للضغوط والصدمات من غير أي فاصل من الراحة أو استدعاء الفرح، هيودينا بسرعة الصاروخ لأمة بها وباء الاكتئاب والقلق المزمن.كما إن المناسبات الجماعية، زي فطار جماعي، أو صلاة عيد، أو احتفالات ما بعد الصيام، ليها دور كبير في تقوية الروابط الاجتماعية اللي هي شيء أساسي في مواجهة الأزمات.
أما عن الأجيال القادمة، فمن حقهم علينا اننا نورثهم القدرة على التوازن بين الحزن والفرح، لأن أيامهم مش هتخلى من ده ولا من ده، على الأقل عشان ما يكبروش في بيئة بيغلب عليها اليأس. فجيل لا يعرف غير المعاناة هو جيل بالتأكيد هيفقد الأمل في يوم قريب. بينما جيل عارف كويس ان الحياة مزيج من القمم والقيعان، والفرح والتحديات، والاستمتاع بالانتصارات الصغيرة حتى في ظل الظروف المجحفة، هو جيل قادر على التواءم والتوازن والصمود.
"وبالتالي، فنصيحة من القلب، لما تقابل في سكتك حد من بتوع: “عيدُ!، بأي حال عدت يا عيد؟"
قوله عاد الحمدلله بمشيئة ربنا وإرادته. وإرادة ربنا بتسمح لنا نحتفل ونفرح ولو ساعات قليلة، لأن النفس البشرية كده، تحتاج للراحة والترويح والبهجة والفرح ولو على سبيل الفواصل، عشان تقدر تواجه اللي هتوقعه على راسها رياح الحياة.
وكل عام وأنتم بخير..