لمن صوت العرب؟
في المشهد السياسي الكندي، كانت الجالية العربية والمسلمة تميل في الغالب إلى دعم الحزب الليبرالي.
حيث يُعرف الحزب الليبرالي الكندي، بدعمه القوي للتعددية الثقافية واحتضان التنوع، وهو ما يتماشى مع واقع ومصالح الجاليات العربية والإسلامية التي تشكل جزءًا مهمًا من النسيج الكندي. سياسات الليبراليين ترفض الخطاب المعادي للهجرة والإسلاموفوبيا، وتؤكد إعلامياً على حقوق الأقليات واحترام عقائدها.
لطالما كانت علاقة هذه الجاليات مع الحزب نتيجة لمزيج من الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، الأمر الذي كان يوفر شعورًا بالأمان والانتماء لدى هذه المجتمعات.
موقف الحزب من الهجرة واللجوء
اتخذ الحزب الليبرالي موقفًا إيجابيًا تجاه ملف الهجرة، حيث فتح أبواب كندا أمام اللاجئين، بمن فيهم آلاف السوريين منذ عام 2015. هذا التحول الإنساني والسياسي لاقى استحسانًا واسعًا لدى الجالية العربية والمسلمة، التي كثيرًا ما تتأثر بالأوضاع السياسية والإنسانية في العالم العربي.
مواجهة الخطاب اليميني المتطرف
في السنوات الأخيرة، ازداد تأثير التيارات اليمينية المحافظة التي تتبنى خطابات معادية للمهاجرين والمسلمين في بعض الدول الغربية. ورغم أن المشهد الكندي مختلف، إلا أن الحزب الليبرالي كان أكثر وضوحًا في رفضه للتمييز العنصري والديني مقارنة بالحزب المحافظ.
في الانتخابات الفيدرالية الأخيرة بدأ هذا الميل السياسي بالانحراف قليلا وهذا أمر ليس وليد الصدفة، لقد كان لسياسات الحزب السياسية والاجتماعية بقيادة ترودو (خاصة في ولايته الثانية) الأثر السلبي الكبير على علاقة أكثرية الجاليات العربية والإسلامية بالحزب.
لقد أصبح الحراك السياسي لهذه الجاليات يتجه نحو الحزب الديموقراطي الجديد (NDP)بشكل واضح. وهذا أمرقد يكون له نتائج وتداعيات على شكل الأحزاب الفاعلة في السياسة الكندية في المستقبل.
البراغماتية السياسية وحسابات الواقع
بالنسبة للكثير من الناخبين، يُعتبر التصويت للحزب الليبرالي خيارًا عمليًا واستراتيجياً، كونه يتمتع بفرص أكبر لتشكيل الحكومة مقارنة بالحزب الديمقراطي الجديد (NDP)، وهذا ما دفع التنظيمات المجتمعية للجالية في هذه المرحلة دعم مرشحي الديموقراطي الجديد في بعض المقاعد لتثبيت موقفهم ضد بعض مرشحي الحزب الليبرالي الذين رفضوا التوقيع على ادانة جرائم إسرائيل في غزة وتفضيل "التصويت الاستراتيجي" على القناعات الأيديولوجية الصرفة في بعض المدن والولايات.
وهكذا بقيت كندا ليبرالية لأربع سنوات قادمة ..