Sign up to save your podcastsEmail addressPasswordRegisterOrContinue with GoogleAlready have an account? Log in here.
حكايات من الكتب – بودكاست عربي يقدم ملخصات صوتية لكتب وروايات وقصص مشوّقة، بأسلوب سهل وجذاب📚🎧 استمع وتعلّم في دقائق... more
FAQs about حكايات من الكتب:How many episodes does حكايات من الكتب have?The podcast currently has 344 episodes available.
June 19, 2025شجرة الحياةفي قديم الزمان، عاشت سيدة عجوز أرملة تركت طفلاً صغيرًا يُدعى يوسف، وكان عمره سبع سنوات. كان يوسف مثالاً للذكاء والوفاء والإخلاص والإحسان. عاشت الأم وابنها حياة سعيدة في بيت صغير منعزل يطل على جبل عالٍ وشديد الارتفاع. وكان يوسف يقوم بكل أعمال البيت من كنس وتنظيف وغسل وتجهيز الطعام ورعاية حديقة البيت. وذات يوم، مرضت العجوز الأرملة مرضًا شديدًا، ولم تكن تعرف طبيبًا أو تملك المال لعلاجها. اشتد الحزن على يوسف، ولم يجد وسيلة لشفاء أمه. بكى يوسف متوجعًا، واستولت آلام المرض والنسيان على أمه حتى إنها لم تعد تعرفه. في شدة حيرته، هتف يوسف باسم الجنّية وداد، التي كان أبوه قد أوصاه باللجوء إليها. ظهرت وداد وقالت ليوسف إن أمه المريضة على شفا التلف. وأخبرته أن لا أحد غيره يستطيع إنقاذها، وأن شفاءها يعتمد على نبات الشفاء من "شجرة الحياة". وأشارت إليه بأن هذه الشجرة تنبت في أعلى الجبل الذي يطل عليه بيته. حذرت وداد يوسف من المخاطر العظيمة التي سيلقاها في طريقه، لكنها أكدت له أن أمه لن يصيبها أذى حتى يعود سالمًا. وطلبت منه أن ينادي حارس النبات ثلاث مرات عند وصوله إلى قمة الجبل. انطلق يوسف في رحلته الطويلة، مليئًا بالعزم والثبات والإيمان. في ثلث الطريق، رأى يوسف غرابًا واقعًا في حبالة. أنقذه يوسف، فشكره الغراب ووعده بأن يجزيه خيرًا. بعد مسافة، رأى يوسف ديكًا يهرب من ثعلب. أنقذ يوسف الديك وأخفاه تحت ثوبه. شكره الديك ووعده بالجزاء. وبعد مسافة أخرى، رأى يوسف ضفدعًا تهرب من ثعبان. أنقذ يوسف الضفدع برمي حجر في فم الثعبان. شكرت الضفدع يوسف ووعدته بالجزاء. وصل يوسف إلى سفح الجبل، ووجد نهرًا واسعًا. لم يجد قنطرة أو سفينة لعبوره. نادى الجنّية وداد، فظهر الديك الذي أنقذه. أخبره الديك أن وداد لا تستطيع أن تفعل شيئًا هنا لأن الجبل مسحور وخارج نفوذها. ثم حمل الديك يوسف على ظهره وعبر به النهر في عشرين يومًا. واصل يوسف السير مسافات طويلة، وبعد أيام وجد أن المسافة إلى الجبل لم تزد ولم تنقص. ولكنه لم يتزعزع. ثم ظهر له القزم شيخ الجبل. طلب منه شيخ الجبل أن يحصد ويغربل ويطحن ويخبز كل القمح في حقله الكبير، وهو ما استغرق 150 يومًا للحصاد والتذرية، و90 يومًا للطحن، و120 يومًا للخبز، أي 360 يومًا في المجمل. أتم يوسف العمل، فظهر له القزم مجددًا. شكره القزم وأعطاه علبة صغيرة مصنوعة من الخشب تشبه علبة "السعوط". واصل يوسف سيره، وظهر أمامه جدار عالٍ. بعد 54 يومًا من الانتظار، سقط جزء من الجدار وظهر حارس الجدار (جنّي). طلب منه الجنّي أن يقطف كل العنب في كرمه ويصنع منه شرابًا لذيذًا، ثم ينقل البراميل إلى الكهوف الأرضية. استغرق يوسف 30 يومًا لقطف العنب و90 يومًا لعصره ونقله، أي 120 يومًا. عندما أتم يوسف عمله، تفحّص الجنّي البراميل. ثم شكره الجنّي وأعطاه "زهرة الشوك" من جيبه. بعد ذلك، اعترضت يوسف هاوية عميقة. بعد 8 أيام من المحاولة، ظهر له الذئب "أويس". طلب منه الذئب أن يصطاد كل ما تحتويه غابته من طير وحيوان، ويشوي نصفه للذئب، ويقلي النصف الآخر ليوسف. لم يكن يوسف يحسن الصيد، فظهر له الغراب "أبو حاتم" (الذي أنقذه سابقًا). ساعده الغراب في صيد كل ما في الغابة. استغرق هذا العمل 150 يومًا. عندما أتم يوسف المهمة، شكره الذئب وأعطاه عصاه، قائلًا إنها ستكون خير معين له في السفر، ويمكنه ركوبها لتنقله حيث يشاء. ثم حمله الذئب على ظهره وقفز به عبر الهاوية. وصل يوسف إلى حديقة شجرة الحياة، لكنه وجد بركة عظيمة أمامه. بعد 55 يومًا من محاولة إيجاد طريقة للعبور، ظهر له القط. طلب القط من يوسف أن يصطاد كل السمك من البركة، يشوي نصفه لنفسه ويقدم النصف الآخر للقط. لم يتمكن يوسف من صيد السمك، فظهرت الضفدع (التي أنقذها سابقًا). قامت الضفدع بصيد كل السمك ليوسف، وقد استغرق ذلك شهرين. عندما أتم يوسف المهمة، شكره القط وأعطاه مخلبه، قائلاً إنه يزيل كل الأمراض والآلام والشيخوخة. مسح يوسف جبهته بالمخلب، وشعر براحة وقوة فورية. ثم حمل القط يوسف على ذيله وعبر به البركة. وأخيرًا، وصل يوسف إلى باب الحديقة. دخل الحديقة، فوجدها كبيرة لكن شجرة الحياة اختفت بين آلاف الأشجار. تذكر وصية وداد بأن ينادي حارس النبات. ظهر حارس النبات، وهو فتى صغير يرتدي زي الأطباء. رحب به حارس النبات، وأعطاه ساقًا صغيرة من شجرة الحياة. عاد يوسف إلى بيته فورًا باستخدام عصا الذئب. وضع عصير النبات على شفتي أمه، فشفيت على الفور. لاحظت أمه أنه كبر، فقد مر عامان وسبعة أشهر وستة أيام على غيابه، وكان عمره عشر سنوات عندما بدأ رحلته. ظهرت الجنّية وداد، وهنأت يوسف على شجاعته ونجاحه. ثم كشفت عن سر الهدايا التي حصل عليها:علبة السعوط (من شيخ الجبل): عند فتحها، خرج منها أقزام صغيرون، بنوا ليوسف قصرًا فخمًا محاطًا بحدائق غنّاء.زهرة الشوك (من الجنّي حارس الجدار): عند شمها، تجلب ليوسف وأمه كل ما يتمنيانه من ملابس فاخرة وطعام شهي.عصا الذئب (أويس): تنقلهما إلى أي مكان يشاءان.مخلب القط: يضمن لهما الصحة والشباب الدائم.وهكذا، عاش يوسف وأمه في سعادة ورغد عيش، لا ينقصهم شيء، ولم يدركهما ضعف الشيخوخة، وذلك بفضل ما ظفرا به من المزايا الأخلاقية والهدايا السحرية. وظلت قصتهما مثالاً صالحًا للبر والوفاء للأبناء....more6minPlay
June 19, 2025شآبيب"شآبيب" هي رواية للكاتب أحمد خالد توفيق، اسمها يعني "الشآبيب" وهي جمع "شؤبوب"، ويُقصد بها الدفعة من المطر أو شدة الشيء. وهي تمثل القطرات الأولى من المطر، أو رمزًا لرحمة الله وغفرانه. تدور أحداث الرواية في نسيج معقد يربط بين شخصيات وأماكن متباعدة، لتروي قصة البحث عن الهوية والانتماء والأمل في عالم مضطرب. تبدأ القصة في النرويج حيث نلتقي بـأمينة، الشابة العربية التي تجد نفسها غارقة في صراع مع هويتها في مجتمع لا يفهمها. إنها تواجه العنصرية والتجاهل، وتتجسد معاناتها في قصة أختها كريمة التي تعاني من مرض شديد، يرمز إلى قسوة الحياة والتلوث. يزداد شعور أمينة بالغربة مع وفاة كريمة، ويبقى زوج كريمة، سليم، يصارع من أجل البقاء في هذا العالم القاسي. في موازاة ذلك، ننتقل إلى عالم من النقاشات الفكرية العميقة مع شخصية مكرم ميخائيل، الأكاديمي العربي الأمريكي ومؤلف "الكتاب العربي التائه". يناقش مكرم رؤيته لمستقبل العالم العربي مع جوناثان آيرهارت، نائب الرئيس الأمريكي، وتدور حواراتهما حول قضايا الهوية والتاريخ والعلاقات بين الشرق والغرب. يحلم مكرم بميلاد أمة عربية جديدة تعيد مجدها، مقترحًا فكرة الهجرة الجماعية إلى أرض جديدة مثل "بابوا غينيا الجديدة" كبداية جديدة. في جزء آخر من الرواية، نُلقى داخل زنزانة سجن مصري، حيث يتفاعل أبو مندور، المفكر الإسلامي المسن، مع تلميذه محمد. تعكس حواراتهم الصراع الفكري والسياسي حول مستقبل الأمة، والاختلاف بين الأجيال حول كيفية تحقيق التغيير. وتظهر عزة كشخصية نسائية قوية، تشارك في هذه النقاشات بوعي ونضج، وتسلط الضوء على مفهوم الحرية والعدالة في السياق العربي. تتخلل هذه القصص شخصية تاريخية أسطورية هي الحارث، الحاكم العربي الذي بنى حضارة مزدهرة في بلاد بعيدة. قصة الحارث تمثل نموذجًا للمجد الضائع، وتثير التساؤلات حول إمكانية استعادته في الحاضر. تتساءل الرواية عبر هذه الشخصيات والأحداث: هل يمكن للعرب تجاوز آلام الماضي وصراعات الحاضر ليجدوا "شآبيب" رحمة جديدة أو بداية مختلفة؟. هل يمكنهم بناء مستقبل مشرق، سواء في أوطانهم الأصلية أو في أرض جديدة، مع الحفاظ على هويتهم وتراثهم؟. تبقى الرواية معلقة بين الأمل في التغيير ومرارة الواقع، تاركة للقارئ التساؤل حول ما إذا كانت هذه "الشآبيب" قادرة على أن تغمرهم بالرحمة والنور الذي يبدد الظلام....more6minPlay
June 18, 2025سحر القيادةفي زمن ليس ببعيد، شاب طموح اسمه أمين. كان أمين يحلم بأن يصبح قائدًا عظيماً، لكنه كان يعتقد مثل الكثيرين أن القادة يولدون بصفات فطرية خاصة، وأن القيادة هبة من السماء لا يمكن تعلمها. كان يعيش في عالم يفسح المجال للأقوياء النابهين، ولا يعرف الضعفاء المهازيل. ذات يوم، وقع في يدي أمين كتاب عنوانه "سحر القيادة" للدكتور إبراهيم الفقي. بدأ أمين يقرأ ويتعلم أن القيادة يمكن تعلمها واكتسابها من خلال المهارات والممارسة، وأنها ليست مجرد صفات موروثة. بدأ أمين رحلته التعليمية، واكتشف أن أول وأهم سر من أسرار القيادة الفعالة هو أن تكون أنت صاحب قرارك. عرف أن اتخاذ القرارات فن يحتاج إلى تدريب وممارسة. تعلم أن الخوف والتردد والتهور والعادات والروتين والاعتراضات الاجتماعية كلها معوقات أمام التغيير واتخاذ القرارات الهامة. تعلم كيف يفكر بشكل إبداعي ويجد بدائل فعالة لاتخاذ قراراته. وأدرك أن القرارات التي لا تُنفذ لا قيمة لها. ثم تعلم أمين عن شعلة التحفيز. اكتشف أن التحفيز هو القوة المحركة للإنجاز. عرف أن هناك دوافع داخلية وخارجية للإنسان، وأن الرغبة المشتعلة هي المحرك الأقوى لتحقيق الهدف. تعلم كيف يحفز نفسه بالاعتماد على نقاط قوته وإنجازاته السابقة. والأهم، تعلم كيف يحفز الآخرين، ليس فقط بالثناء والمكافأة المادية، بل بالمشاركة والاهتمام والتفويض الفعال الذي يمنح الثقة والمسؤولية. واجه أمين في رحلته حقيقة أن التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة، وأن البشر يخشون التغيير غالباً وبعضهم يقاومه. تعلم أن القائد الفعال هو الذي يقود التغيير ويتعامل مع رياحه بحكمة. اكتشف أن الخوف من المجهول والروتين واعتراض الآخرين من أسباب مقاومة التغيير. تعلم كيف يغرس معنى التجديد والتغيير في داخله وداخل فريقه، وكيف يضع خطة مفصلة للتغيير ويتابع تنفيذها. لم تكن رحلة أمين خالية من التحديات، فقد واجه الضغوط والتوتر في عمله وحياته. تعلم أن التوتر الزائد يهدر طاقة الإنسان وقدرته على الإبداع والتركيز. عرف أسباب التوتر المختلفة، مثل التشكيك في قدراته، الإرهاق، عدم التقدير، الكتمان، العادات اليومية السيئة، الآلام الجسدية والنفسية. وبدأ يتعلم كيف يواجه التوتر ويتخلص منه بتقنيات مثل التنظيم، العمل الجماعي، عدم حمل هموم الماضي، والنظر بإيجابية. كما مارس تمارين التنفس والاسترخاء للتغلب على الضغوط. أدرك أمين أن القيادة تتطلب التعامل مع مختلف أنواع الأشخاص، بما فيهم الأشخاص الصعاب. تعلم كيف يتعامل مع النمطي (المتلاعب)، والانفجاري، واللائم، ودائم الشكوى، والسلبي، والمسالم جداً، والشخصية المسحوقة، والمتعالي، والبالون. عرف أن الاستماع الجيد وفهم وجهات نظر الآخرين من أساسيات التعامل الناجح. تعلم أيضاً مهارات الاتصال الفعال، وكيفية الاستماع الجيد، وفهم الآخرين، والتعبير عن نفسه بوضوح واحترام. كان تحديد الأهداف محطة حاسمة في رحلة أمين. تعلم أن الفشل في تحديد الهدف يعني التيه والضياع. عرف الأسباب التي تمنع الناس من تحديد أهدافهم، مثل الخوف والتأجيل وعدم الإيمان بالقدرات والجهل بالسبل الصحيحة. تعلم المبادئ الأساسية لوضع أهداف واقعية ومحددة وقابلة للقياس. بدأ في كتابة أهدافه وتحديد أنواعها (قصيرة، متوسطة، طويلة المدى). واكتشف أهمية تحقيق التوازن بين الأركان الخمسة للحياة: الروحي، الشخصي، المهني، المالي، والصحة، وأن إهمال أي ركن يؤثر سلباً على الأهداف الأخرى. بدأ يضع خططاً للوصول إلى أهدافه ويصر على تحقيقها مهما واجه من صعاب. وأخيراً، فهم أمين أن كل هذه المهارات تحتاج إلى إدارة الوقت بفعالية، لأن الوقت هو الحياة نفسها. تعلم أن القائد المنظم هو الذي يستثمر وقته ويستفيد من كل دقيقة، على عكس القائد المضغوط والفوضوي. عرف كيف يتغلب على مضيعات الوقت مثل المماطلة والمقاطعات وعدم التنظيم. وبدأ يطبق استراتيجيات لتنظيم وقته وأولوياته بجدية. ومع مرور الوقت وتطبيق أمين لما تعلمه من الكتاب، أصبح يرى النتائج الإيجابية في حياته وعمله. تحسن في اتخاذ القرارات، وأصبح أكثر قدرة على تحفيز نفسه والآخرين، وتعامل مع التغيير بمرونة، وأدار ضغوطه وتوتره بفعالية، وأصبحت علاقاته بالآخرين أقوى وأكثر إيجابية. أهدافه التي حددها بدأت تتحقق، ووقته أصبح منظماً ومثمراً. لم يعد أمين يعتقد أن القيادة مجرد هبة، بل أصبح يرى فيها سحراً يكمن في التعلم والتطوير المستمر والممارسة. وهكذا، تحول أمين من شاب يحلم بالقيادة إلى قائد فعال بالفعل، يمتلك الأدوات والمهارات اللازمة لتحقيق النجاح وإلهام الآخرين. هذه هي قصة أمين ورحلته في اكتشاف سحر القيادة، وهي رحلة متاحة لكل من يمتلك الرغبة والاستعداد للتعلم والتغيير....more6minPlay
June 18, 2025سلطان ليوم واحدكان هناك شاب يُدعى أبو الحسن. ورث أبو الحسن ثروة عظيمة، لكنه كان يتخفى في ملابس التجار البسطاء ويعمل في بيع الأقمشة. كان أبو الحسن يُقيم حفلات باذخة ويستقبل أصدقاءه الشباب في بيته بعد الغروب. كانوا يتجمعون حول مائدة فاخرة ويتبادلون الأحاديث والأخبار. كان أبو الحسن كريماً في ضيافته، يبذل كل جهده في إظهار الكرم. لكن أصدقاءه كانوا يرفضون حتى أبسط دعواته للنزهة أو الرحلة، بحجة أن لا أحد منهم مستعد لبذل مجهود. كان أبو الحسن يشعر بالألم لعدم وجود صديق مخلص في حياته. وكان يتحدث عن لعبة أو خطة لتعليم الناس العدل والأخلاق. ذات مساء، بينما كان أبو الحسن يستقبل ضيوفه كعادته، جاءه ضيف مميز لم يعرفه من قبل، كان يرتدي ملابس التجار. هذا الضيف كان هو السلطان الحقيقي المتخفي. تناول الضيف الطعام والشراب واستمتع بالموسيقى والغناء في بيت أبي الحسن. أظهر أبو الحسن كرمه المعتاد، واعترف للضيف بأنه كريم في إكرام الضيوف، لكنه بخيل في المصاريف التي لا تجلب منفعة. ضحك الضيف كثيراً من حديث أبي الحسن. ثم، وضع الضيف المتخفي منوماً في كأس عصير وقدمه لأبي الحسن. شرب أبو الحسن الكأس وغرق في نوم عميق. أمر السلطان المتخفي بحمل أبي الحسن وهو نائم إلى القصر. حمل الحراس أبو الحسن في محفة فخمة، وتوجهوا به إلى القصر السلطاني وسط دهشة الحراس عند الباب. أمر السلطان الحراس بوضع أبي الحسن على سريره الخاص في القصر. واستدعى الوزير وكبار رجال الدولة، وأمرهم بأن يعاملوا هذا الشاب على أنه السلطان منذ بداية اليوم، وأن يطيعوا أوامره وينفذوها فوراً. استيقظ أبو الحسن من نومه ليجد نفسه في مكان غريب وفاخر. كان سريره محاطاً بستائر بيضاء مطرزة، وشعر أن الفراش ناعم للغاية. سأل نفسه أين هو، وهل هو في حلم أو في الجنة. رأى حوله أربع جوارٍ جميلات يحيطن به ويقلن له: "صباح الخير يا سيدي السلطان!". دخل المشرف وبيده ورقة طويلة، وبدأ يقرأ جدول أعمال السلطان. شعر أبو الحسن بالدهشة وظن أن هذا حلم أو خدعة أو من عمل الجان. لكنه قرر أن يستمتع باللعبة ويتظاهر بأنه السلطان. توجه أبو الحسن إلى قاعة العرش ببطء وثقة. وجد حوله أركان الدولة والوزراء وكبار المسؤولين. أمر المشرف بالاقتراب وسأله عن الوزير الأعظم، ثم سأله سؤالاً مفاجئاً عن التاجر إبراهيم البغدادي. صاح أبو الحسن قائلاً إن التاجر إبراهيم البغدادي قد سجن وصودرت أمواله. وأمر الوزير بإطلاق سراحه وتعويضه. كما أمر بمعاقبة بعض الأشخاص الذين سمَّاهم "خدم الصباح"، بأساليب مختلفة وغريبة شملت السخرية والتشهير. وتذكر المقولة "الخير في الدنيا أكثر من الشر". ثم طلب من أمين الخزانة أن يعطي مبلغاً كبيراً من المال لوالدة شخص يُدعى "دُثة". عاش أبو الحسن يوماً كاملاً بصفته سلطاناً، استمتع خلاله بالطعام الفاخر المتنوع الذي يُقدم في القصر، وشعر بإعجاب الجواري اللاتي كنَّ يضحكن حوله. كان يعتقد أن كل هذا من فعل "ملك الجان" الذي استضافه. في نهاية اليوم الممتع، أمر السلطان الحقيقي بوضع منوم آخر في كأس عصير أبي الحسن. غرق أبو الحسن في نوم عميق. ثم أعادوه سراً إلى بيته وملابسه القديمة، وتركوه نائماً على فراشه كالمعتاد. استيقظ أبو الحسن في الصباح التالي وهو لا يزال يعتقد أنه السلطان. بدأ يصرخ ويأمر في غرفته، وينادي على الجواري والمشرف. سمعه الجيران وظنوا أنه فقد عقله. تجمعوا حوله واقتادوه قسراً إلى "بيت المجانين" (مستشفى الأمراض العقلية). حاول إقناعهم بأنه السلطان ولكن دون جدوى. في المصحة، استمروا في التعامل معه على أنه مريض، وأحياناً كانوا يضربونه. ظل أبو الحسن لثلاثة أيام على هذه الحال. في اليوم الرابع، بدأ يتحدث مع والدته التي زارته، معترفاً بأنه ضُرب بشدة، لكنه كان لا يزال يتحدث عن الأوامر التي أصدرها والثروة التي صادرتها من التاجر. هنا، يبدو أن مدير المصحة أدرك أن أبا الحسن ليس مجنوناً حقاً، بل مر بتجربة قاسية جعلته يعتقد ما يعتقده. وأدرك أبو الحسن نفسه أن ما حدث له كان بسبب "ملك الجان" رداً على أفعاله و"لعبته" التي كان يريد أن يعلم بها الناس. حاول أبو الحسن إصلاح ما أفسده؛ أرسل رسلاً إلى التاجر إبراهيم البغدادي في سجنه ليطلب يد ابنته "نجمة الصباح" مرة أخرى. لكن التاجر رفض، قائلاً إنه لا يمكن أن يزوج ابنته لشخص مستقبله غير مؤكد، وهو ما زال تحت تأثير العقاب المعروف. أدرك أبو الحسن أنه أضاع فرصة ثمينة لإصلاح الأمور بحكمة. بعد فترة، عاد السلطان إلى بغداد متخفياً. التقى بالوزير، الذي كان لا يزال مضطرباً ويخشى "ملك الجان" الذي يعتقد أنه سبب اتهامه بالجنون. ثم التقى السلطان بأبي الحسن. اعترف السلطان المتخفي لأبي الحسن بتفاصيل الخدعة التي قام بها. بعد أن عرف الحقيقة، وجد أبو الحسن أنه قد أصبح حكيماً بدرجة كافية. لقد علّمه ما مر به دروساً عظيمة. وعندما كشف السلطان عن نفسه كاملاً، خر أبو الحسن على ركبتيه من الدهشة والفرح. أقامه السلطان وقال له: "لقد علمتني يا أبا الحسن ... دروساً عظيمة لأتعلم الحكمة". وأكد الوزير والتاجر إبراهيم البغدادي للسلطان أن أبا الحسن قد تعلم بالفعل، وأنه أدرك قيمة استخدام الحكمة، وأن قيمة شراء الأصدقاء أغلى من شراء الأموال. لقد علمت التجارب القاسية أبا الحسن ما لم يستطع أن يتعلمه بالثروة. وهكذا، انتهت المغامرة وأصبح أبو الحسن حكيماً....more8minPlay
June 18, 2025رئة واحدةيمكن وصف رحلة "رئة واحدة" بأنها رحلة عبر دروب الحزن والألم التي عرفها الكاتب. إنها رحلة شخص يشعر وكأنه يعيش بـ"رئة واحدة"، تعبير عن ضيق أو نقص أو شعور بعدم الاكتمال في مواجهة الحياة. في هذا العالم، يبحث عن الظل ليأويه، وفي داخله صراع بين الذكريات والمشاعر. الأصدقاء يحتلون مساحة كبيرة في هذه النصوص. إنهم يمثلون الدعم والونس في مواجهة الصعاب، والفقدان للأصدقاء يجلب حزناً عميقاً.الكتاب هو أيضاً تأمل في الحياة والموت. يتساء الكاتب عن معنى الحياة حين تغمر المشاعر الصعبة القلب، وكيف يمكن للفرح أن يوجد وسط هذا الألم. الذكريات تلعب دوراً مهماً، فهي تطفو على السطح وتثير مشاعر مختلفة.الكتابة نفسها فعل ضروري للتعبير عن هذه المشاعر المتضاربة. إنها وسيلة للبحث عن الذات ومواجهة الألم. في النهاية، تبقى المشاعر والأصدقاء والذكريات هي العناصر التي تشكل نسيج هذه النصوص.يرجى ملاحظة أن هذا الملخص هو تمثيل للموضوعات والأجواء العامة المستخلصة من النصوص المقدمة، ولا يمثل قصة ذات أحداث متسلسلة....more6minPlay
June 17, 2025رسائل سقطت من ساعي البريدالكتاب ده مش قصة عن ساعي البريد نفسه، لكنه قصة الرسايل اللي كانت معاه. كأن الرسايل دي سقطت منه أو هو مرّ وماشافهاش عشان أصحابها "كانوا غير مرئيين"، أو بدت باهتة في إيده. الرسايل دي بتحكي قصص ناس كتير أوي، كأنها نبض الحياة نفسه بكل تفاصيله. فيه رسايل من جندي في الجبهة بيكلم أمه وبيطمنها وبيوعدها بالرجوع ومعاه هدايا بسيطة زي العسلية والحمصية. وفيه رسايل من أب بيكلم ابنه وبيحكيله عن القاهرة اللي جمالها "خفي" زي الستات اللي "يأسرن الرجال" وبيوصيه يرجع الصعيد ويكبر ويعيش ويموت فيها وميعملش غلطة أبوه اللي شايف إن شغلته "ملمع جزم" في القاهرة مافيهاش عز. الرسايل بتنقل مشاعر مختلفة، زي شوق بنت خالة لابن خالتها الجندي وغيابه اللي "نازع البركة" من القرية، وشوق زوجة لزوجها اللي متأخر في السفر وشايفة إنه في "القاهرة القادرة" ممكن يشوف "بنات بيضا" وتنقلها كلام الناس عنه وهو بيتأخر. وفيه رسايل من الأولاد لجدتهم وجدهم وهما في الحج، بيسألوهم عن النبي والكعبة وعرفة وزمزم، وبيحكولهم إنهم دهنوا واجهة البيت عشان تناسب "طلتكم البهية". لكن فيه رسايل تانية بتيجي من قلب المآسي، كأنها رسايل "حين لم يصل الساعي". فيه رسايل من نفس الجندي لأمه لكن "من قلب الحرب وتحت القصف" والوضع بقى "أصعب مما ظننا" والعدو أقرب، وبيقول إنه ثابت في مكانه ولن يعود خطوة واحدة إلا لما "اﻷرض تعود دفعة واحدة". فيه رسايل من أب لابنه ومراته بيكتبها من قطر الصعيد، بيعتذر لابنه على غيابه وحضوره الناقص وبيقول لمراته "آسف إني هتأخر" لكنه لأول مرة في حياته "لحق قطر" ويا ليته ما لحقه، وبينصحها تدور تحت المرتبة هتلاقي مبلغ مدخره، وبيوصيها بالولد والبيت وحبه ليها. ورسالة من أم لأولادها بتكتبها من عبارة "السلام 98" وهي بتغرق في نص الليل، مش عارفة إيه اللي بيحصل ولا عارفة الرسالة هتوصل ولا لأ، لكنها بتكتب لهم لعلها سلوى، وبتطلب منهم يدعولها لو سمعوا بأي سوء. كمان فيه قصص مآسي حصلت في تواريخ محددة اتحولت لذكريات مؤلمة: في 5 يونيو 1967 "قتل العيال وضاعت الأرض". في 20 فبراير 2002 "احترق قطار الصعيد وتفحم الركاب". في 3 فبراير 2006 "غرقت عبارة السلام 98 وابتلع البحر المسافرين" (وقتها مصر فازت بأمم أفريقيا في تناقض صارخ). في 1 فبراير 2012 حصلت خسارة للمصريين في بورسعيد (إشارة لأحداث استاد بورسعيد). وفي 8 فبراير 2015 "انقلبت الآية وكان الحشر قبل الموت" والأولاد "حشروا في الممر فماتوا بسهولة" (إشارة لأحداث استاد الدفاع الجوي). الرسايل دي بتقول إن الأوراق اللي رماها الساعي مكنتش فاضية، لكنها بدت شفافة لأنها مكتوبة "بالعرق". بتحكي عن ناس حياتها صعبة ومكافحة ومش بيبص عليهم حد، زي الشاب اللي بطنه بتوجعه من الجوع والمطاعم مفتوحة لكن معندوش فلوس يدفع إيجار أو قسط، والست اللي بتبيع كرنب في السوق بعد ما جوزها مات فجأة عشان تاكل بناتها التلاتة، وبتحكي إنها مبتعملش محشي في بيتها غير مرة واحدة في الشهر عشان "عيونهم تكون ممتلئة" بالفلوس مش بالأكل. وفيه رسايل من الشّيال اللي شايل هموم فوق طاقته، وجسمه متهالك، وأصحابه ماتوا من الشغلانة دي، وبيحكي عن الشيخ اللي اتقال عشان ظهره استعدل فمات، وعن نفسه اللي عايز يستقيم عشان يشوف السما. والست اللي بتشتغل منظفة بيوت وبتعمل كل مكان قصر إلا بيتها، وحست إن صوابعها استقالت من كتر ما حولت الحاجة القذرة لحاجة بتلمع. والمدرس اللي حاسس إن كلمته مثيرة للشفقة وبيتعامل كأيقونة للضحك مع إنه وسيلة الناس عشان يطلعوا من الطبقة الكادحة وهو نفسه منها. فيه رسايل تانية الساعي مشافهاش خالص، يمكن عشان أصحابها "كانوا غير مرئيين". زي رسايل من الست اللي "مطلقة" أو "أرملة" وحاسة إن الناس بتشوفها "غول" وبتحكم عليها، وإنها بس عايزة الناس "تكف عنها يديها" وتبص لها "على السواء" بدون حكم. ومن الشاب اللي بيبيع ورد في الشارع، بيترجى الناس تحترمه وتبتسم في وشه حتى لو مش هيشتروا ورد، لأن الشارع بيته بالإجبار. ومن "عم شريف" ماسح الجزم اللي بقى له خمسين سنة في الشارع، وبيحكي عن الزمن اللي الناس كانت بتقلع فيه الجزمة عشان تتمعس، دلوقتي الناس يا دوب بتمد رجلها وهو غارق في سواد الورنيش، وبيترجى الناس تسلم عليه بإيديها مش برجلها. ومن الخردجي اللي بيجر عربية وروبابيكيا، وحاسس إن الحاجة المستعملة بتتمنى تركب عربيته، وحاسس إنه رغم تعبه وجسمه المحني، لكنه "أديب" و"حكيم" أكتر من الناس اللي متعرفش هو بيجر إيه وراه. ومن عامل النظافة "الشبح البرتقالي" اللي بينظف الشارع وبيحس إنه لو فاض عنده نص ساعة هيطلع ينضف السما ويسد ثقب الأوزون، وبيكشف سر خطير وهو إنه "أيضًا... إنسان" وبيترجى اللي يقرأ رسالته يحرقها عشان ميتعدمش. بعض الرسايل دي اتقالت كأنها مكتوبة "بالرصاص؛ لأن مرسليها يخافون من أي شيء جاف". زي رسالة من شخص مقتول لقاتله، بيتساءل فيها إذا كان بص في عينه قبل ما يضرب النار، وبيقول إنه لو حط نفسه مكان القاتل مش هيقدر يقتل، وإن القاتل قتل مش شخص واحد لكن "ألف قلب معاه" و"الأبد" كله. فيه رسايل تانية بتحكي قصة شخص واحد، يمكن بتبدأ "في مطار القاهرة الدولي.. صالة المغادرين". بيحكي عن تعبه ومحاولاته عشان يسافر، وإزاي بيودع أهله وأحلامه معاه في الشنطة، وريح أمه وأكله في نفسه. بيحكي عن أول شهر في الغربة وإنه لسه بيحاول يتعود ياكل لوحده مع إنه شايف إن الأكل للمشاركة مش للفرد. وبعد 3 شهور بيحس بالملل والوحدة أكتر، وبيلاقي زملاءه بيتهربوا منه، وبيكتشف إنه بقى يتمشى لوحده بالليل، وحس إن الوحدة دي "نعمة عظيمة اسمها الوحدة" اللي بتخليه "مثقف وعميق" زي البهوات، لكنه وحش البلد وأهله والمصطبة. بعد 7 شهور بيتعب ومحدش بيسأل عنه ولا بيزوره، وبيروح المستشفى لوحده، وبيحس قد إيه الغربة "قاسية". بعد سنة بيحس إن الزمن بيجري أسرع، وإنه عرف ربنا ونفسه والغربة أكتر، لكنه لسه واقف مكانه وأهله كبروا. بعد سنتين الشوق بيكويه ومش عايز حاجة غير يشوف أحبابه. بيحجز تذكرة عشان أمه تعبت. لكن بيحصل اللي مكنش في باله، بيموت أمه في نفس اليوم اللي كان راجع فيه، بيكتب رسالة كلها وجع وبيسألها ليه ماتت قبل ما يوصل بيوم واحد؟. بعد ست سنين لسه في الغربة، حاسس إنه "عالق في المنتصف" لا اللي هناك قادر يموت ولا اللي هنا قادر يعيش، ومش عارف يرجع لمين ولا هداياه لمين بعد ما أمه ماتت، وحاسس إنه خسر أهله وأحبابه عشان يجيب لهم العز. القصة دي بتنتهي بـ "مطار القاهرة الدولي.. صالة القادمين" الساعة واحدة الظهر، كإشارة لوصوله يمكن، لكن بعد فوات الأوان. فيه قصص تانية بتوصف الواقع اليومي المؤلم والإرهاق النفسي. زي اللي مش قادر ينام من التفكير وتعب اليوم، وجسمه رافض الراحة، وبيحاول يشرب شاي بالليل عشان يعزيه. واللي يومه كان سيء وحاسس بالغثيان والوحدة، ومحدش سأله ماله، والناس بتشوف إرهاقه بس متعرضش عليه راحة. واللي حس بفرحة لما صديق قال له "أنا بجانبك" لدرجة إن الكلمة دي شقت أذنه وسكنت قلبه، وخلته يفهم قد إيه الكلام البسيط مهم في عز الوحدة** . واللي بيبكي من تراكمات قديمة وحاسس إن دموعه هي رزقه من الأولاد . واللي حس إنه "وصل" لما مضى عقد عمل ثابت وهيخليه ياكل ويشبع ويدلع نفسه بعد تقشف طويل ، لكنه لسه حاسس بالغربة وإنه مختلف عن زمايله اللي بيتفاخروا بأنسابهم . واللي بيكلم أبوه المتوفي ويقول له إنه كبر وشبهه وإنه عرف إن السعي أهم من الوصول، وإن أبوه مات قبل ما يمتلك حاجة لكن ربنا ادخره . واللي بيكلم أوضته وحاسس إنه وحيد ومش طايق الوحدة مع إنه بيخاف من الناس، وعايز حد يكون جنبه . واللي بيستغرب الزمن عدى إزاي بسرعة وحاسس إنه كبر وانحنى ظهره زي جدوده . وأخيرًا اللي بيكلم أمه اللي ماتت وبيحكي لها إن حد بيخبط على بابه، وهو شاكك إنه مبعوث منها بعد ما كانت بتوصيه ميفتحش لأي غريب، وبيقول لها إنه رتب البيت وعلق صورهم، ومستني ردها عشان يفتح للطارق اللي ممكن يكون ملك الموت . في النهاية، فيه رسايل اتحطت في الصندوق بعد ما الساعي مرّ ومكتب البريد قفل . رسايل لـ أب مات في الغربة ، صديق اتأخر في الاعتذار له ، صديقة رحلت قبل ما يقول لها بحبه ، صديق انتحر عشان مالقاش حضن يدعوه للحياة ، ورسالة "إلى أنا" ... كل الرسايل دي ردها كان واحد: "عذراً.. الشخص الذي تحاول الإرسال إليه غير موجود" . وكأن ساعي البريد ساب رسالة أخيرة بتقول: "عمر الكلام الجاف.. ما يبل ريق عطشان" . وفي آخر الكتاب، المؤلف بيكلم القارئ وبيقول له إن دي آخر صفحة في رسالته، لكنها أول صفحة في رسالة القارئ الورقية اللي لازم يبعتها قبل ما "يفوتك ساعي البريد" ....more6minPlay
June 17, 2025رحالةكانت أولغا تجلس وحيدة على حافة النافذة، محاطة بألعاب مبعثرة وأبراج مكعبة. تشعر بالظلام يلف المنزل ببطء، وبالهواء يبرد، وبوحدة قاتمة تنتشر كقطرة حبر سوداء في الفراغ. كانت تدرك أن الحياة الحقيقية تحدث فقط في الحركة. هذا الإحساس بالرحيل، هذا الوجود المتنقل، هو ما يُعرّف الإنسان حقًا. كانت أولغا رحّالة، تكتب ملاحظاتها في القطارات والطائرات والمقاهي، على أوراق صغيرة أو على مناديل. كانت تؤمن بأن العالم كله يمكن أن يندرج داخل تجويف في الدماغ. في مكان آخر، وعلى جزيرة يونانية، كان كونيكي يبحث بيأس عن زوجته أغنيشكا وابنه المفقودين. كان يقود سيارته ذهابًا وإيابًا، تائهاً في البحث، محاولًا العثور على أثر لهما. كل ما حوله كان يبدو قاحلًا ومظلماً. التقى برونيك، الذي شاركه البحث، وتعاملا مع الشرطة التي بدت مشوشة وغير منظمة. في لحظة يأس، وجد كونيكي امرأة بائسة، كانت تدور في دائرة مفرغة، تتحدث عن الخلاص والحياة التي لا تخصها. حاول أن يساعدها، أن يقدم لها شطيرة، أن يمنحها لمسة إنسانية في عالم قاسٍ. كان هو نفسه يشعر بكونه "فأراً في متاهة". لكن هذه اللقاءات كانت تذكره بالعديد من الأشياء التي كان يجب أن يتذكرها، كأن شيئاً ما كان يمنعه من رؤية الحقيقة. في رحلة موازية، كان الدكتور بلاوفوس، عالم التشريح، يسافر لحضور مؤتمرات حول حفظ العينات الطبية والجسم البشري. كان مهووسًا بالبشر، بالجسد الذي يظهر أحيانًا في متاحف التشريح، ويعتبره أعظم ما منحنا الرب. كان بلاوفوس يبحث عن الجمال والنظام، يسعى لحفظ الأنسجة وتخليدها، لكنه يدرك أن الحفاظ ليس سوى خدعة سيرك، فالجسد نفسه قد دُمر. كان يرى أن كل جزء من الجسد يستحق التذكر. في إحدى تجاربه، شاهد الدكتور بلاوفوس ساق فيليب هورش، التي حُفظت بشكل مثالي. كان فيليب هذا، في نهايته، يشعر بساقها المبتورة وكأنها لا تزال جزءًا منه، تسبب له الألم وتُبقي روحه معلقة. على متن عبّارة، كان إريك، البحّار الذي بدا أنه وجد مصيره في تكرار الرحلات، يقود العبّارة بين الجزيرة والبر الرئيسي. كان رجلاً غريب الأطوار، لكنه محبوب، وجد في هذه الحركة المتكررة نوعًا من السكينة. كانت حركته الثابتة تعكس تحوله من روح مضطربة إلى شخص وجد مكانه في التدفق المستمر للحياة. أما لودفيكا، أخت الموسيقار العظيم شوبان، فقد خاضت رحلة سرية وخطيرة عبر القارات، تحمل معها قلب أخيها لتعيده إلى وارسو ليدفن هناك. كانت رحلتها هذه تجسيدًا للحركة ذات المعنى الروحي العميق، تتبع فيها ما كتبه أخوها عن الموت ووصيته. خلال كل هذه الرحلات، كانت الكاتبة تتأمل في طبيعة الزمن. هل هو دائري، حيث يعود كل شيء إلى بدايته، أم خطي يتجه نحو هدف ما؟. كانت تؤمن بأن الزمن تيار من التغيرات. وأن الهوية البشرية ليست ثابتة، بل هي في تحول مستمر، تتأثر بالأماكن التي نزورها. في النهاية، يظل سؤال "من أنت؟" مطروحًا. تكتشف الكاتبة أن الرحّالة هو من يستكشف معنى أن تكون جسدًا طائفًا، مسافرًا عبر المكان والزمان. في كل حركة، وكل لحظة، وكل لقاء، يتجلى جزء من الحقيقة. العالم ليس سوى مجموعة من الأنسجة التي تُحفظ في سائل، تُعرض وتُفسر. الوعي يتدفق، والهوية تتشكل في كل خطوة، في كل نفس، في كل محطة، حتى لو كانت هذه المحطات مجرد "عين" تنظر إلى العالم. إنها رحلة لا تتوقف، فكل نقطة هي مجرد بداية لنقطة أخرى، والحقيقة هي الحركة....more6minPlay
June 17, 2025رماد الماءفي أرض مزقتها الحرب، حيث الهياكل المحترقة للأشجار والمعدات العسكرية والرماد هي كل ما تبقى، وصل تيه سلطان، باحث أكاديمي مهتم بالحياة البرية. كان هدفه الرئيسي هو الوصول إلى بحيرة التماسيح ومبنى قديم موضح على خريطته المسروقة من دار الوثائق. تجول تيه سلطان في هذا الوادي المدمر، حيث وجد جثة مجففة ومعلقة لشاب كان يبدو حارساً. كان تيه سلطان رجلاً شجاعاً لكنه كان يعاني أيضاً من مخاوف ووحدة.في إحدى الليالي، قتل ذئباً عجوزاً اقترب من مخيمه. في صباح اليوم التالي، وجد نفسه محاطاً بمجموعة من المحاربين البدائيين، أهل الكهف. هؤلاء المحاربون، الذين ارتدوا جلود الحيوانات وزينوا أنفسهم بالخرز والتمائم، أخذوه إلى قريتهم. هناك، تم تقديمه إلى الكواكريو، حكيم القبيلة، الذي استجوبه عبر مترجمة، فتاة جميلة اسمها فلوباندو.اعترف تيه سلطان بأنه أكاديمي وباحث، لكن المحاربين اعتبروه صياداً ماهراً. الأخطر من ذلك، اكتشفوا أنه قتل حارسهم - الذئب العجوز. حكم عليه الكواكريو بعقوبة غريبة: عليه أن يبقى في كهف على الهضبة ويأكل لحم الذئب المقتول حتى تحل روحه محل روحه، وأن يحتفظ برأس الذئب وجلده. كان عليه أن ينتظر إطلاق سراحه عندما يصبح "مذءوباً".خلال فترة إقامته في الكهف وتحت المراقبة، حاول تيه سلطان استكشاف المنطقة والوصول إلى البحيرة. التقى بفلوباندو مجدداً، والتي زارته في الكهف وأخبرته عن تاريخ القبيلة وعاداتها، وعن جيني ومسز جيني، البدائيين من أصل أمريكي الذين بنوا المبنى الذي يبحث عنه تيه سلطان واختفوا في ظروف غامضة. كما أخبرته عن ابنتهم، سنيال.شهد تيه سلطان رؤية سنيال وفلوباندو وهما يرقصان عاريتين بالقرب من البحيرة. انبهر بجمال سنيال ورقصها الوحشي. بدأ يفكر في سنيال. عندما سأل فلوباندو عما إذا كان يمكنه قضاء الليلة معها، رفضت واختبرته، وكشفت عن عدم شجاعته في مواجهة الحيوانات. كما واجهته باتهامات بأنها جاسوس، تستكشف القبيلة لحساب الحكومة.في وقت لاحق، شهد تيه سلطان مؤتمراً قبلياً كبيراً حضرته قبائل الدغل المختلفة بقيادة الكواكريو. عاد طلاب سافروا إلى المدن الحديثة (منهم بانارودنا الذي ظهر مع أهل الكهف سابقاً، وتيم الذي أصبح دبلوماسياً)، وعرضوا رؤيتهم للمستقبل، متحدثين عن التعليم والصحة ولكن أيضاً عن الحرب ضد الحكومة. في هذا المؤتمر، شعر تيه سلطان بأنه دخيل وأن مصيره مرتبط بهذه الأحداث.بعد المؤتمر، حيث سمح له تيم، أحد العائدين، بالمغادرة وزوده بسلاح، قرر تيه سلطان أن يأخذ سنيال معه إلى العالم الخارجي. ذهب إلى كوخ سنيال ليلاً. لكنه وجد سنيال في الكوخ مع تيم. شعر بالهزيمة والرفض.مع بدء "حرب أزولوما"، التي بدت كعرض عسكري في البداية، وجد تيه سلطان نفسه وحيداً وسط الصراع المتصاعد والدمار المحيط. اختار الرحيل، تاركاً وراءه أرض الرماد والماء، والقبيلة التي حكمت عليه، وسنيال التي سعى إليها. رحل، محاطاً بأصوات الدغل والذئاب، تاركاً "الحرب جثة هو السلم" كخاتمة مؤقتة لقصته في تلك الأرض....more7minPlay
June 16, 2025رجال من التاريخ - الجزء الثانيكان هناك كتابٌ قيّمٌ يحملُ عنوان "رجال من التاريخ - الجزء الثاني"، أراد مؤلفه، شيخنا الأستاذ عبد العزيز بن محمد السدحان، أن يكون منارًا يهدي الأجيال. لقد جمعَ فيه قصصًا لعظماءَ من رجالات العلم والدين، مستخلصًا إياها من خطب ومحاضرات ودروس، ليروي لنا حكاياتٍ ملهمةً عن فضائلهم وتضحياتهم وحكمتهم. كان الهدفُ من هذا الكتاب أن يكون سهلَ الفهمِ، ومفيدًا للجميع، وخاصةً للشباب. في رحابِ هذا السفرِ المبارك، التقينا بصفحاتٍ مشرقةٍ من حياةِ ستةٍ من الشيوخِ الأجلاء: الفصل الأول: زاهدُ العصر تبدأ القصةُ بذكرِ شيخنا الأستاذ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الذي اشتهرَ بزهدهِ العظيم وإعراضه عن مباهج الدنيا. كان الناسُ يحبونه لحبهم لعلمهِ الغزيرِ وأخلاقهِ الفاضلةِ، التي كانت تدفعهم للالتفافِ حوله. كان يومهُ يبدأُ بالتبكيرِ إلى المسجدِ، حيثُ يقرأُ القرآنَ حتى صلاةِ الفجرِ، ثم يستمرُ في قراءتهِ حتى شروقِ الشمس. بعدَ ذلك، يعودُ إلى منزلهِ ليجدَ الناسَ في انتظارهِ؛ فهو لا يغلقُ بابهُ في وجهِ أحدٍ. كانت سجيتهُ الجودَ والكرمَ، فكلما وصلهُ مالٌ، بادرَ بتوزيعهِ على الفقراءِ والمحتاجين، وقلما يتركُ شيئًا منه إلى الليل، خوفًا من أن يفسدَ قلبهُ. كان يرى العالمَ الغنيَ فتنةً لنفسهِ وللناسِ، ولذا عاشَ حياةً بسيطةً، مقتنعًا بالقليلِ. الفصل الثاني: القاضي المتواضع ثم تُقلبُ الصفحاتُ لنتعرفَ على شيخٍ آخرَ هو شيخنا الأستاذ عبد الله بن حميد، الذي كانَ عالمًا جليلاً وقاضيًا بارعًا، حتى ترأسَ مجلسَ القضاءِ الأعلى. كانَ أيضًا مدرسًا في معاهدِ الرياضِ العلميةِ وكليةِ الشريعةِ. لكنَ ما يميزهُ حقًا كان تواضعهُ الجمّ، بالرغمِ من علوِ مكانتهِ وعلمهِ. كان يمشي إلى المسجدِ، حتى وهو كبيرٌ في السنِ ويعاني من المرضِ، رافضًا الركوبَ، ويحملُ كتبهَ بيدهِ. كان يجلسُ مع عامةِ الناسِ ويتبادلُ معهم الأحاديث. بابهُ كان مفتوحًا دائمًا للزوارِ، يقدمُ النصحَ ويجيبُ على الأسئلةِ دونَ تضجرٍ. كان جوادًا يحبُ الفقراءَ والمساكين، ويأكلُ الطعامَ البسيطَ ويشاركهُ مع كلِ من حضر. لم يكن يعبأُ بالملابسِ الفاخرةِ، بل كان يرتدي البسيطَ والنظيفَ. وحينَ لا يعلمُ أمرًا، كان يقولُ: "لا أعلمُ" بكلِ تواضعٍ، موجهًا الناسَ إلى من هو أعلم. كان شجاعًا في قولِ الحقِ، حتى أمامَ الحكامِ، وحريصًا على طلابهِ، يرعاهم ماديًا ومعنويًا. وقد كان مجتهدًا في طلبِ العلمِ وتعليمهِ، وعاشقًا للقراءةِ واقتناءِ الكتبِ. الفصل الثالث: المفتي الذي لا يكل بعدَ ذلكَ، تلتقي القصةُ بشيخنا الأستاذ عبد العزيز بن باز، الذي كانَ منارةً للعلمِ والفقهِ، متبحرًا في العلومِ الإسلاميةِ كالفقهِ والحديثِ والتفسيرِ واللغةِ العربيةِ. كان مفتيَ الأمةِ، تتوافدُ عليهِ الأسئلةُ من كلِ حدبٍ وصوبٍ، يجيبُ عليها بدقةٍ بالغةٍ وبالأدلةِ من الكتابِ والسنةِ. كانَ لا يعرفُ الكللَ في خدمةِ الأمةِ، فقضايا المسلمينَ كانت شغلهُ الشاغلَ. كانَ متواضعًا يجلسُ على الأرضِ، يستقبلُ الناسَ بلا تكلفٍ. جودهُ وسخاؤه كانا مضربَ المثلِ، ينفقُ من مالهِ الخاصِ على الفقراءِ والأيتامِ سرًا. تميزَ بصبرهِ وطيبِ خلقهِ، لا يغضبُ ويصغي للجميعِ بإمعانٍ. كان يمتلكُ ذاكرةً قويةً، وشجاعةً في قولِ الحقِ دونَ خوفٍ من لومِ اللائمين. بالرغمِ من كونهِ كفيفًا، إلا أنهُ كان محبًا للقراءةِ والكتابةِ ومهتمًا بالدعوةِ إلى اللهِ، مع حرصهِ الشديدِ على وحدةِ الأمةِ. كان متواضعًا لا يحبُ الشهرةَ، ومعتمدًا على اللهِ في كلِ أمورهِ. ولقد كانَ لهُ اهتمامٌ خاصٌ بذوي الاحتياجاتِ الخاصةِ والمكفوفينَ، مدركًا معاناتهم. لم يكن يأبهُ لطعامٍ أو شرابٍ فاخرٍ، بل كان يدعو طلابَ العلمِ للإخلاصِ والصبرِ والمثابرةِ. رحلَ عن دنيانا تاركًا خلفهُ إرثًا عظيمًا، وودعتهُ الأمةُ بموكبٍ جنائزيٍ مهيبٍ. الفصل الرابع: المعلم الذي لا ينسى ثم تأتي سيرةُ شيخنا الأستاذ محمد بن صالح العثيمين، الذي عُرفَ بفطنتهِ الشديدةِ وفهمهِ العميقِ، وبإتقانهِ للغةِ العربيةِ والشعرِ، فكانت ألفاظهُ بليغةً في دروسهِ ومحاضراتهِ. كانت قدرتهُ على تبسيطِ الأمورِ المعقدةِ مذهلةً، فكان يقضي حياتهُ معلمًا وواعظًا. كانَ دقيقًا في إجاباتهِ، ويحبُ طلابهُ ويهتمُ بهم. اتسمَ بتواضعهِ وزهدهِ وورعهِ. كانت لهُ ذاكرةٌ قويةٌ وشجاعةٌ في قولِ الحقِ. كانَ حريصًا على عبادتهِ، ولم يخفَ عنه جانبٌ من الدعابةِ في دروسهِ. كانَ يحرصُ على شؤونِ المسلمينَ، ويتميزُ برحمتهِ وشفقتهِ، وبساطتهِ في المعيشةِ. كانَ معلمًا صبورًا، وحججهُ واضحةً مستندةً إلى الدليلِ. وقد كانَ لصوتهِ المسجلِ أثرٌ عظيمٌ في نشرِ علمهِ. الفصل الخامس: الفقيهُ الثابت وفي الختامِ، نتعرفُ على شيخٍ ما زالَ بيننا، شيخنا الأستاذ صالح بن فوزان الفوزان حفظهُ اللهُ. منذُ صغرهِ، كان شغوفًا بطلبِ العلمِ، ارتحلَ في سبيلهِ إلى كبارِ العلماءِ. وهوَ اليومَ مداومٌ على التدريسِ ونشرِ العلمِ. يتميزُ بدقةِ إجاباتهِ ووضوحها. يمتلكُ تواضعًا يجعلهُ يبتعدُ عن الأضواءِ، وشجاعةً في الذودِ عن الحقِ ومواجهةِ البدعِ. يعيشُ حياةً بسيطةً وزاهدةً، ويهتمُ بطلابهِ ويوجههم. كانَ صابورًا في تعليمهِ، ومستندًا دائمًا إلى الكتابِ والسنةِ في كلِ تعاليمهِ. وقد تولى القضاءَ في مراحلَ مختلفةٍ من حياتهِ، وتركَ مؤلفاتٍ غزيرةً، تاركًا بصمةً عميقةً في العالمِ الإسلاميِ. وهكذا، يطوي الكتابُ صفحاتهِ، تاركًا في نفوسنا أثرًا عميقًا من سيرِ هؤلاءِ الرجالِ الذينَ أضاءوا دروبَ العلمِ والعملِ، وضربوا أروعَ الأمثلةِ في الزهدِ والتواضعِ والشجاعةِ والرحمةِ، ليكونوا قدوةً حسنةً للأجيالِ القادمة....more6minPlay
June 16, 2025ربيع الأندلسفي قلب مدينة غرناطة الحديثة، وتحديدًا في حي البيازين المطل على قصور الحمراء، عاشت فاتيما البالغة من العمر ثمانية عشر عامًا مع جدها. كانت فاتيما فتاة جميلة ذات عينين عسليتين وشعر بني مائل للأشقر، تفتخر بكونها إسبانية. وفي يوم الثاني من يناير، وهو يوم تحتفل فيه إسبانيا بطرد العرب، أصرت فاتيما على حضور الاحتفال، رغم تحفّظ جدها الذي بدا عليه الحزن. رأت فاتيما الاحتفال المهيب ومشاهد الحرب التمثيلية التي تُظهر انتصار الإسبان على العرب المسلمين الذين وصفتهم بأنهم "همج الصحراء" و"متخلفون". شعرت بفخر عظيم لتحرير بلادها من هذا الاحتلال "الهمجي". بل إن خطيبها بيدرو طلب منها أن يكون زفافهما في مثل هذا اليوم من العام القادم احتفالًا بـ"عظمة إسبانيا". لكن جدها، خليل، الذي رباها واعتنى بها بعد وفاة والديها في حادث أليم، قرر أن الوقت قد حان لتتعرف على الحقيقة. كشف لها سرًا عظيمًا يختبئون به من رجال فرانكو الذين "لا يرحمون من يُشك في ولائه للدين والوطن". الصدمة الكبرى كانت عندما أخبرها جدها أنه مسلم، وأن والديها كانا مسلمين أيضًا، وأنها تنحدر من سلالة مسلمة. هذا يعني أنها لا تستطيع الزواج من بيدرو الكاثوليكي المتعصب. لم تصدق فاتيما ما سمعت، وشككت في جدها واتهمته بالخرف. لكن جدها دعاها إلى غرفته المغلقة دائمًا، حيث كشف لها عن المصحف الشريف (كتاب الله) وعن صور تعود لعصور الأندلس الإسلامية. عادت الذاكرة بنا إلى عصور مضت، حيث كانت الأندلس تعج بالفتن والتمردات. الأمير عبد الله، حاكم قرطبة، كان يواجه تحديات داخلية وخارجية. كان من بينها تمرد عمر بن حفصون في جبال ببشتر. كما عانى الأمير عبد الله من صراع بين ابنيه محمد (ولي العهد) والمطرف. بسبب وشاية من المطرف، سُجن محمد، رغم إخلاصه وولائه لأبيه. فر محمد بعد ذلك إلى ابن حفصون طلبًا للحماية. حاول الوزيران عبد الملك وابن محمد إقناع الأمير عبد الله ببراءة محمد. أرسل الأمير عبد الله رسالة إلى محمد يطلب فيها عودته ويَعِده بالأمان. استجاب محمد لطلب أبيه وعاد إلى قرطبة، تاركًا حماية ابن حفصون. لكن عند وصوله، سُجن محمد بأمر من أبيه في دار البنيقة. كان المطرف سعيدًا بما حدث لأخيه، وحاول استغلال الوضع لإزاحة محمد عن ولاية العهد. في غياب الأمير عبد الله الذي خرج لمواجهة ابن حفصون، قُتل محمد في سجنه على يد أخيه المطرف. حزن الأمير عبد الله لمقتل ابنه، لكنه لم يتوقف عن قتال ابن حفصون. عاد الأمير عبد الله منتصرًا، لكنه لم يُعاقب المطرف فورًا خوفًا من الفتنة. لاحقًا، قُتل المطرف بأمر من الأمير عبد الله. وسط هذه الاضطرابات، وُلد لـ محمد ومزنة (جاريته) ولد، سُمي عبد الرحمن، تيمنًا بجده عبد الرحمن الداخل (صقر قريش) باني ملك بني أمية في الأندلس. اعتنى به جده الأمير عبد الله عناية خاصة، وأوكل أمره إلى الفقيه الشاعر أبو عمر أحمد بن عبد ربه ليعلّمه الشعر والأنساب والقرآن والحديث، وليكون قدوة له في جده الداخل. تولى عبد الرحمن حكم الأندلس بعد وفاة جده الأمير عبد الله. كانت البلاد ممزقة بالفتن والثورات والممالك المسيحية المتعادية. لكن عبد الرحمن، بعزيمته وقوته، بدأ في توحيد الأندلس. واجه عمر بن حفصون وأبناءه، وانتصر عليهم وأخضعهم. كما واجه الممالك المسيحية في الشمال (ليون، نافارا، قشتالة) بقيادة ملوك مثل أردونيو الثاني وراميرو الثاني وسانشو الأول وطوطة (ملكة نافارا). في عام 316 هـ (929 م)، أعلن عبد الرحمن نفسه خليفة للمسلمين، ولقّب نفسه بـ الناصر لدين الله. تحت حكمه، بلغت قرطبة والأندلس أوج قوتها وعظمتها وازدهارها. أصبحت قرطبة جوهرة الدنيا. بنى الناصر قصر الزهراء الفخم ووسّع المسجد الجامع، وأقام القناطر والمستشفيات والمدارس والمكتبات العامة، وجلب الماء إلى المدينة، ونظّم الطرق. اهتم بالعلم والعلماء وشجع التعليم حتى للأطفال الفقراء. أصبحت قرطبة مركزًا للعلم يقصدها الطلاب والسفراء من كل مكان، حتى من أوروبا المسيحية. قوي الجيش والأسطول البحري. استتب الأمن والرخاء. حتى أن التجار كانوا يسافرون في أمان دون خوف. واجه الناصر القحط والجفاف بتضرع إلى الله والتخفيف عن رعيته. كان يتمتع بصفات الحزم والصرامة والعدل والتواضع. حتى أنه تقبل موعظة قاسية من القاضي منذر بن سعيد في خطبة الجمعة. في خضم عظمة الأندلس، عادت قصة يوسف وسمية للظهور. كانا طفلين مسلمين من طلبرية استولى عليها المسيحيون، وأخذهما القائد غونثالو. عاش يوسف وسمية في أسر في برغش، وحاول غونثالو وزوجته مونيا دونا وولدها فرنان تحويلهما إلى المسيحية. تمكن يوسف من الهرب ووصل إلى قرطبة، حيث أذهله جمالها وعظمتها، وعمل ناسخًا للكتب في سوق الوراقين. أما سمية، فقد دخلت الدير مجبرة، لكنها لم تتخل عن إسلامها سراً. بفضل جهود يوسف ودعاء القاضي منذر بن سعيد، وصلت قصة سمية إلى الخليفة الناصر. استغل الناصر طلب ملك ليون للصلح، واشترط عليه تسليم سمية لإثبات حسن نيته. عادت سمية أخيرًا إلى قرطبة، والتقت بيوسف. توفي عبد الرحمن الناصر بعد حكم دام نحو خمسين عامًا، كانت الأندلس في عهده أعظم دول الغرب الإسلامي. ترك دولة قوية ومزدهرة. تعود القصة إلى فاتيما في غرناطة. بعد صدمة اكتشاف حقيقة هويتها، انفصلت فاتيما عن بيدرو. ذهبت إلى قصر الحمراء، تتأمل النقوش العربية التي لم تتعلم لغتها من قبل. هناك، التقت بـ عمر (يوسف)، الشاب العربي الذي أهانته سابقًا. رأت في دفتره عبارة "ولا غالب إلا الله". أدركت فاتيما أنها جزء من تاريخ عظيم، وأن أجدادها هم من بنوا هذا الجمال الذي تراه. بدأت تشعر بالفخر بدمها العربي الأندلسي، وأنها حفيدة بناة الحضارة. رغم تقلبات الزمن، تظل روح الأندلس حاضرة، وقصص أبطالها مثل عبد الرحمن الناصر، الذي أعاد ربيع الأندلس، لا تُمحى من التاريخ. تظل قرطبة وقصورها ومنارتها شاهدة على عصر من العظمة والعلم....more8minPlay
FAQs about حكايات من الكتب:How many episodes does حكايات من الكتب have?The podcast currently has 344 episodes available.