تسلم كير ستارمر رسمياً مهامه كرئيس للوزراء البريطاني بعد لقاء مع الملك تشارلز في قصر باكينغهام، ويأتي ذلك بعد أن حقق حزب العمال الذي يترأسه انتصارًا ساحقاً في الانتخابات التشريعية المبكرة، لينهي بذلك 14 عاماً متتالياً من حكم المحافظين..
حسب آخر الإحصاءات، فاز حزب العمال بأكثر من 400 مقعد من أصل 650 مقعداً في مجلس العموم، وحصل حزب المحافظين على 121 مقعداً.
وحقق الديمقراطيون الأحرار ( الليبراليون) مكاسب كبيرة بحصولهم على 61 مقعداً، في حين خسر الحزب الوطني الاسكتلندي أغلب مقاعده. من جهته، حقق حزب الإصلاح البريطاني المناهض للهجرة بزعامة نايجل فاراج دخولًا أقوى بكثير إلى البرلمان بحصوله على 13 مقعدًا، وتطورت حصة حزب الخضر إلى أربعة مقاعد.
في مواجهة هذا الانتصار الكاسح والموجة الحمراء لحزب العمال، تكبد حزب المحافظين أسوأ هزيمة له منذ بداية القرن العشرين.
في مقابل صعود اليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، وفي بعض الانتخابات البرلمانية الوطنية في القارة القديمة بدءاً من إيطاليا الى هولندا وهنغاريا وفرنسا وبلجيكا والمانيا وغيرها، ها هو اليسار الاشتراكي الديمقراطي يعود من الباب الواسع البريطاني كي يضع حداً لحقبة حكم المحافظين.
ومن أبرز أحداث هذه الحقبة خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وما رافقه من أزمات اقتصادية ، وتفاقم الوضع مع ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية ألقت بثقلها على المواطن البريطاني مع تراجع القدرة الشرائية وارتفاع اسعار الطاقة تبعاً للحرب الروسية - الأوكرانية..
ومع تزايد احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض, تبدو المملكة المتحدة كأنها تسبح عكس التيار، ويبرهن العزف البريطاني المنفرد على خصوصية كل بلد غربي في خياراته نظراً لانعكاسات البريكست وتتماته، ولإخفاق المحافظين في إدارة الدفة البريطانية وتحقيق وعود ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي .
في هذا المشهد السياسي الجديد، يتبين بوضوح أن المملكة المتحدة "مستعدة للتغيير" حسب قول ستارمر، ومن الأدلة تجاوز عدد النائبات المنتخبات 220 نائبة من اللواتي تم انتخابهن في عام 2019، فيما سيستقبل مجلس النواب أكبر عدد من النواب المستقلين منذ عام 1950.
على صعيد آخر، تظهر آثار السياسة الخارجية البريطانية إزاء الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية في إشارتين لافتتين : إعراب حزب العمال عن قلقه إزاء تصويت المسلمين العقابي ضد الحزب على خلفية حرب غزة، وتمثلت الإشارة الثانية بخسارة جورج جالواي المؤيد للفلسطينيين مقعده أمام بول واوج من حزب العمال.
وأخيراً على الارجح ، ستتحسن صلات لندن مع باريس وبرلين ، كما سيتم ترتيب أفضل للعلاقة مع الاتحاد الأوروبي.