تواجه الحكومة الفرنسية الجديدة التي لا تتمتع باكثرية نيابية، أول امتحان لاستمراريتها بعد تقديم اليسار المتمثل بالجبهة الشعبية الجديدة اقتراحًا بحجب الثقة عنها.
وكان من اللافت توقيع 192 نائبًا على هذا الاقتراح اعتراضًا على "قرار رئيس الجمهورية بتعيين ميشال بارنييه في قصر ماتينيون وتشكيل الحكومة الذي أعقب ذلك". ويعتبر ذلك، بحسب اليسار المتنوع " إنكارا ونفياً لنتيجة الانتخابات التشريعية الأخيرة".
من الاكيد ، ان تيار الرئيس ماكرون الوسطي واليمين التقليدي وصولا إلى أقصى اليمين سيصوتون ضد حجب الثقة وينقذون الحكومة هذه المرة لاسباب مختلفة. لكن الحكومة ستبقى تحت السيف المسلط لتكرار اقتراحات حجب الثقة من قبل اليسار او من قبل اليمين المتطرف في بعض الأحيان.
ازاء الأكثرية الهشة والمشهد السياسي المفتت ، يجهد ميشال بارنييه لشق طريقه من دون التنبه لبعض المتشائمين حيال قدرته في الاستمرار على رأس السلطة. وفي هذا الاطار ، بدا واضحاً ان المخضرم بارنييه البالغ من العمر 73 عاماً، يعمل على فتح صفحة جديدة والتمايز عن الرئيس ايمانويل ماكرون المأزوم بعد سبع سنوات من وصوله إلى الاليزيه.
وللدلالة على هذا التوجه، ذهب رئيس الحكومة بعيداً عندما صرح بالفم الملآن: " الرئيس يرأس، والحكومة تحكم (...) في النهاية، مصلحة البلد هي التي تهم"، ويأتي هذا الكلام لأن ماكرون تعود الانفراد بصناعة القرار وبارنييه يريد ان يكون شريكا كاملا وفعالا .
حالياً، ليس تقاسم السلطة في فرنسا «تعايشاً تقليدياً بين اليمين واليسار" كما كان الحال ابان عهدي ميتران وشيراك ، بل يمكن وصفه بالتعايش المتمايز بين أسلوبين وشخصين مختلفين . لكن رئيس الجمهورية بحاجة لديمومة الحكومة الحالية حتى لا تتركز المعارضات ضده ويصبح " بطة عرجاء" خلال الفترة الباقية من عهده.
يواجه بارنييه تحديات ابرزها حول الوضع المالي والعجز العام المتمادي إلى حد ان بعض الاخصائيين يحذر من ان تحصل ازمة نقدية على غرار ازمة اليونان في 2010 ، ولذا خلافاً لرأي الاليزيه يتجه بارنييه لفرض ضرائب إضافية على الاغنياء والشركات .
يحاول ميشال بارنييه تعزيز سلطته و فرضها على وزرائه. ويؤكد أنه من يحدد خط الحكومة وسياساتها في مسائل الميزانية وكذلك في موضوع الهجرة. وهنا يغمز من قناة تشدد بعض وزرائه مثل وزير الداخلية في موضوع مكافحة الهجرة غير الشرعية.
في حكومة بلا أغلبية، تبدو مهمة بارنييه صعبة نظرا لتكوين حكومته من مكونات متناقضة ، وصعوبة الحفاظ على تماسكها ، وتنظيم علاقته مع ماكرون.