مع دخول السباق الرئاسي شوطا الأخير، لا يزال المشهد الانتخابي قبل أيام من موعد الاقتراع، متقاربا ومتعادلا بشكل مذهل، لدرجة أنه لم يعد مجديا أن يمارس المحلل السياسي أي تكهنات أو توقعات بأي درجة من الثقة حول النتائج، على الرغم من طفرة استطلاعات الرأي، والسبل الخلاقة في استخدام الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات الإلكترونية الجديدة لدراسة اتجاهات الناخبين.
المسؤولون الفيدراليون يحذرون من احتمال حدوث أعمال عنف، قبل وخلال وبعد الانتخابات، التي لن تعرف نتائجها إلا بعد أيام من انتهائها.
وفي الأيام الماضية، حذر مسؤولون في أجهزة الاستخبارات من احتمال قيام دول مناوئة للولايات المتحدة، مثل روسيا وإيران، من التدخل في العملية الانتخابية لعرقلتها، أو للإيحاء بأنها ليست نزيهة.
هناك فروق واضحة بين طروحات كل من كامالا هاريس ودونالد ترامب، تبين سياسات وخطط كامالا هاريس الداخلية أنها ستحاول تكملة خطط وطروحات الرئيس بايدن، مع تعديلات طفيفة، تأخذ بعين الاعتبار مواقف الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، إضافة إلى اختلافات تتعلق بالأسلوب والنبرة أكثر من المضمون.
هاريس، مرشحة ديمقراطية تقليدية، ولن يشكل انتخابها نقلة سياسية جذرية أو ثورية، باستثناء انتخاب أول امرأة من أصل أفريقي وأسيوي.
على الصعيد الخارجي، لم تطرح المرشحة هاريس أي طروحات تختلف عن طروحات الرئيس بايدن حول قضايا مثل التجارة الدولية أو العلاقات القوية مع الحلفاء، وخاصة في حلف شمال الأطلسي الناتو، أو دعم أوكرانيا في مقاومتها للاحتلال الروسي.
وهي لا تختلف كثيرا عن بايدن في مقاربتها لحرب إسرائيل ضد غزة ولبنان، وإن كانت أبدت حساسية أكثر للخسائر المدنية الفلسطينية، حين انتقدت سياسة الأرض المحروقة، التي اعتمدتها القوات الإسرائيلية في غزة.
في المقابل، لا يخفي ترامب مدى استهتاره ورفضه لأبرز مقومات الديمقراطية الأميركية، مثل سلطة القانون وحرية التعبير، وهو الذي وصف الصحافة بأنها عدوة الشعب.
خارجيا، سيسعى ترامب إلى تغيير علاقات أميركا بالعالم جذريا، حيث سيلجأ إلى إجراءات غير مسبوقة، مثل فرض تعريفات شاملة على مختلف البضائع المستوردة من الصين وغيرها من الدول، ما قد يتسبب بحرب تجارية دولية.
كما سيعمل ترامب على فك الارتباط العسكري بالقارة الأوروبية، بما في ذلك تقليص العلاقات مع حلف الناتو أو حتى الانسحاب من الحلف، الأمر الذي سيكون كارثيا على مستقبل أوكرانيا وعلى مستقبل أوروبا بشكل عام.
هذه العوامل مجتمعة تجعل الانتخابات الأميركية هذه المرة مفصلية بالفعل.