السيدة خولة بنت سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد البوسعيدي، والدها السيد سعيد بن سلطان، سلطان عُمان وزنجبار وملحقاتها ومؤسس الإمبراطورية العُمانية في التاريخ الحديث، جدها السيد سلطان بن أحمد البوسعيدي، والدتها عراقية لقبها السيد سعيد بنجم الصباح لجمالها وكانت السيد خولة كوالدتها من أجمل سيدات القصر، لهذا وصفتها أختها السيدة سالمة في كتابها: "مذكرات أميرة عربية": "وقد كانت بارعة الجمال وكان يقال أن جمالها مذهل حتى أن من ينظر إليها يفقد صوابه، ويظل محملقا فيها وهو مفتوح الفم والعينين".
كانت السيدة خولة من أميز بنات السيد في قوة شخصيتها وحسن إدارتها وكانت تتمتع بتقدير أبيها بسبب كفاءتها الإدارية لشؤون البيت، ولهذا ترك لها أبوها تنظيم أمور بيت الساحل بعد وفاة والدتها (نجم الصباح) وهي التي كانت تنفرد بمسؤولية هذا البيت. كانت السيدة خولة أحب بنات السيد سعيد، وأقربهن إلى قلبه، وأكثرهن حظوة ومكانة؛ وكانت إذا أرادت إحدى النساء طلبا من السلطان، فهي تعلم علم اليقين أن لا وسيط لها إلا خولة. عرف عن السيدة خولة أنها كانت ذكية وماهرة وذات كفاءة إدارية وضبط لشؤون البيت. كانت السيدة خولة مضرب المثل في الحلم وسعة الصدر وحب الخير، وكانت تعامل العاملين في القصر بمنتهى الرقة واللطف، فتصفح عن إهمالهم، وتغفر لهم أخطائهم، بل وتتدخل لتمنع الأذى عنهم.
رفضت السيدة خولة الزواج من أي شخص رغم أن أعداد كثيرة من شخصيات مهمة قد طلبوا الزواج منها وتفرغت لنفسها ولتربية أخيها الصغير عبد العزيز الذي ماتت أمه بعد وفاة أبيه السيد سعيد بفترة قصيرة. وبعد وفاة والدها السلطان سعيد في عام ١٨٥٦م ورثت مقاطعة كيزيمباني وعاشت في البيت الثاني وهو المنزل الذي بناه السيد سعيد لزوجته الفارسية، وكلن السيد برغش يقدرها جدا ويستمع إلى كل ما تقوله ويلبي ما تطلبه.
ولنقترب أكثر من السيدة خولة نقتبس بعض ما ذكرتها عنها أختها السيدة سالمة في مذكراتها:
"كانت خولة مثل شريفة، أحب بنات أبي إليه وأقربهن إلى قلبه، وأكثرهن لديه حظوة ومكانة، وكانت أيضا -والحق يُقال- أجمل بناته قاطبة، بل وأجمل من حوته البيوت السلطانية من الإناث".
"لم تزد حصة خولة في ميراث أبينا عن حصة أيا من بناته الأُخريات، ولكنها ضحت بالكثير من أجل شراء مزرعة من أجمل مزارع أبي، وأكثرها أناقة، وأحسنها موقعاً، ولهذه الأسباب فقد كانت غالية الثمن جداً، وإن لم تكن كثيرة الغلة، وكانت هذه المزرعة هي المكان المفضل لأبي يذهب إليه للراحة أو الاستجمام مع ضيوفه أو أهله بعيداً عن مشاكل الحكم والسياسة. ورغم قلة عائدات هذه المزرعة، فقد دفعت فيها خولة ثمناً غالياً، وكانت مستعدة لأية تضحية في سبيل امتلاك هذه المزرعة إكراماً منها لذكرى والدي الذي حباها بالحب والحنان وآثرها على جميع بناته، والتي كانت هذه المزرعة مكانه المفضل". وتضيف السيدة سالمة في وصف هذه المزرعة:
"وكان في المزرعة قصر جميل هو عبارة عن بناء صخري متين تُظلله الأشجار الشاهقة، وتحوي هذه البناية صالوناً كبيراً، فُرشت أرضه بالرخام، وغُطيت جدرانه بالمرايات، وتدلت من سقفه الثريات اللامعة، وانتشرت في جوانبه كراسي الخيزران، وكان من عادة أبي أن يستقبل ضيوفه في هذا البهو.. وقد احتفظت خولة بكل آثار أبي في هذه المزرعة، وأغلقت غرفته الوثيرة بالأثاث، فلا تفتحها إلا للضيوف الكبار".
وهناك الكثير من الذكريات الجميلة التي تسردها السيدة سالمة في مذكراتها عن أختها السيدة خولة، حيث كانت علاقة خولة بأختها سالمة بالغة العمق لا سيما عندما انتقلت خولة من بيت الساحل بعد وفاة أبيها للعيش في بيت المتوني، فقد كانت الأختان معا على الدوام، يتبادلن الأحاديث حتى ساعات متأخرة من الليل ـ ويتشاركان الطعام وقد تكدرت هذه الصداقة بعد تصالح سالمة مع أخيها ماجد ولكن سرعان ما عادت الأمور لما كانت عليه وبقى حبهما طيلة حياتهما، حتى أن خولة كانت تريد أن تتبنى أحد أبناء سالمة بعد وفاة زوج الأخيرة ولكن سالمة لم تستطع أن تستجيب لذلك؛ لأنه لا يتناسب مع قناعاتها.
برزت السيدة خولة في أصعب الأوقات التي مرت بها زنجبار، ولعل أبرزها في الفترة ما بين عامي ١٨٥٦م وحتى عام ١٨٧٠م والتي تنازعت فيها السلطة بين السيد ماجد وأخيه السيد برغش. وكان لها دور سياسي مهم ومؤثر خلال تلك الفترة. فعندما توفي والدها السيد سعيد بن سلطان، انحازت للسيد برغش الذي كان ينافس أخاه السيد ماجد لحكم زنجبار وبذلت كل ما في وسعها للإطاحة به، حيث وقفت السيدة خولة إلى جانب أخيها برغش في محاولة انقلاب ضد أخيهما السلطان ماجد، ففي عام 1859م كان ترتيب هذا الانقلاب، وعندما كشف السيد ماجد حيثياته تحصّن السيد برغش في مزرعة (شانبة) مرسيليا (يذكر المغيري أنها مزرعة تحمل اسم مرسيليا وهو اسم لمدينة فرنسية، سماها السيد برغش بهذا الاسم تقديرا للفرنسيين بعد أن أهداه ملك فرنسا هدية ثمينة. يُنسب إليها الحرب التي وقعت بين السلطان ماجد وأخيه السيد برغش في عام 1859م لأنها المزرعة التي تحصن بها السيد برغش. يطلق عليها أيضا ثورة مرسيليا وبالسواحيلية حرب الماتشوي. أما السيدة سالمة فتذكر أن مزرعة مرسيليا لأخيها السيد خالد، وسماها بهذا الاسم لحبه لفرنسا وكل ما هو فرنسي) فما كان من السلطان ماجد إلا مهاجمة المكان في 14 أكتوبر 1859م وإخماد الثورة. وعلى إثر تلك الحادثة تم نفي السيد برغش إلى الهند بعد كتابة تعهد بعدم إحداث ثورة أو فتنة ضد أخيه السلطان ماجد. وكانت السيدة خولة من أشد المناصرين لأخيها السيد برغش في هذه الثورة بالإضافة لأخيه السيد عبد العزيز والذي تولت تربيته خولة لذلك وقف إلى جانبها في معارضة حكم السلطان ماجد، كما وقف مع السيد برغش من أخواته السيدة مثلى وكانت من المؤيدين له. كما وقفت السيدة سالمة موقفاً مؤيداً للسيد برغش وذلك بسبب تأثير أختها خولة، ويذكر الفارسي: "ولم تكن هذه المعركة لتقع لولا مساعدة هاتين الأختين السيدتين خولة وسالمة".
توفيت السيدة خولة عام 1875م في عهد أخيها السلطان برغش، في حادث تسمم، قيل أنه كان متعمداً. وهو ما لا تستبعده أختها السيدة سالمة التي تقول: "لكن الحبيبة والأخت الحنون خولة، والتي كانت تشع الحسن والحب والحنان لم تعد في هذه الدنيا، فقد رحلت عنا عام ١٨٧٥م في حادث تسمم، قيل أنه كان متعمداً، وأنا لا أستبعد ذلك، ومهما حدث فإن خولة لم تمت، بل ستبقى حية في قلبي وخاطري حتى نلتقي".