سوق العوّادين فِي بغداد، أحد أقدم أسواق صناعة وَاقْتناء آلة العود، تُصْنع فيه الأعواد يدوِيّاً وبأجود أنواعِ الخشب والأوتارِ. كبار العازِفين والملحنين العرب يعزفون على أعواد عراقية مختومة من أبرزِ صنّاع السوق.

عليك أن تنصت جيداً إذا أردت العثور على سوق العوّادين فِي منطقة "جديد حسن باشا" وسط بغداد، إذ تتعالى أصوات العزف على آلة العود، وتمتزج مع ضربات مطرقة صانعيه وضجيج المارة. 

 مع الاقتراب من أصوات العزف تُفاجأ عند الوصول بِزقاق ضيق ومحال صغيرة بعضها متهالك، يجلس فيها أسطوات من أعمار مختلفة وكل منهم يمسك عوداً إما لإكمال تركيب قطعة أو تضبيط أوتاره، أقدمهمْ صانع العود عامر العلي الذي تمتد مسيرته المهنية إلى أكثر من 48 عاماً، وقد تحدث لنا عن صناعة العود العراقي وما يميزه. 

"العود العراقي صناعة يدوية من البداية للنهاية، ولدينا قياسات مميزة قوالب تفرق عن الأقطار العربية مثل سوريا ومصر التي تعتمد المكائن، فنحن نصنع في الشهر الواحد أربعة أعواد فقط بينما المعامل تنتج مائتي عود. ونحن نتميّز بالدقة في العمل والقياسات لذلك العود العراقي يعمر مئة سنة.

" صراحة أنا من الأسطوات، الاسطوات واسطة على ومحمد فاضل أو نجم عبود، نفضل العود السادة لأن النقوش تشوه سمعة صوت العود بينما المصريون والسوريون يعتمدون على استخدام الصدف في صناعة العود ".

ليس غريباً أن تجد خلال تجوالك في سوق العوادين ملحنين ومطربين عراقيين ولا سيما مطربي المقامات العراقية، وقد التقينا هناك بالمطرب المعروف فلاّح البغدادي، وقد عزف وغنى لإذاعة مونت كارلو الدولية بشكل خاص تعبيراً منه عن إعجابه بها. 

العازِف الشاب حمزة عمار محمد جاء لتصنيع عود جديد له يؤرخ من خلاله لمسيرته كعازف ما زال يتدرب في معهد الموسيقى الذي يترأسه العازف العراقي الشهير نصير شمّة. يقول حمزة: 

" أكيد يجب أن تكون هناك مواصفات خاصة للعود الذي سأقتنيه، أن يكون من خشب السيسم ووجه العود من خشب سيدار والأوتار مثل البريم تلوت والأورورا والأورورا لوت، أما الأسعار فتتفاوت من 100 $ لغاية 4000 $، ولكن إن أردت أن تشتري عودا فسيكون بين 1000 $ و1700 $".

وعلى الرغم من انْحسارِ نشاط السوق وإِهماله، إِلّا أَنَّهُ ما زال يحظى بِاهتمام من قبل الملحّنين والمطربين العرب أمثال محمد عبده وأصالة نصرِي اللَّذانِ طلبا صناعة أعواد خاصّة لهما ما يعْني بِأن العود العراقي ذات الصناعة اليدوية ما زال مطلوباً عربياً.