تحتضن العاصمة الفرنسية من 19 إلى 23 حزيران/ يونيو 2024  فعاليات سوق الشعر الشهير، وتحتفي هذه الدورة الواحدة والأربعون بالشعراء اليونانيين المعاصرين، ويسعى المنظمون من خلال هذا التقليد الثقافي العريق في باريس إلى إعادة هذا النوع الأدبي إلى واجهة عالم الكتاب والمكتبات. فائزة مصطفى زارت السوق وعادت بهذا الريبورتاج
 

نصبت عشرات الخيم البيضاء في ساحة سان سولبيس الباريسية، في قلب الحي اللاتيني، حيث تتنافس نحو 500 دار نشر ومجلة أدبية على عرض آخر اصداراتها من الدواوين الشعرية، الى جانب استضافة شعراء من مختلف الجنسيات لتقديم قراءات وندوات وجلسات البيع بالتوقيع. وتعد هذه المناسبة فرصة سانحة لإبراز وتعزيز مكانة الشعر الذي تراجع وهجه أمام هيمنة الرواية في العقود الأخيرة، وفق ما يقوله فانسون جيمون بون، مسؤول بجمعية سيرسي المنظمة للتظاهرة، كما يتحدث عن الاستثناء في الدورة هذه السنة: 

" إن سوق الشعر في حد ذاته هو استثناء، لأن حضورَ الشعر محدودٌ في وسائل الاعلام وفي العالم حاليا، نستقبل اليونان ضيف شرف الدورة، وعبر مشاركة عشرات الشعراء والشاعرات سنطلع على التجربة الأدبية الراهنة في هذا البلد، طبعا نسعى إلى جلب الجمهور، ولذلك نسلط الضوء على الشعر الموجه للشباب".

ما يلفت الانتباه في هذا الاحتفال الثقافي البهيج هو حضور الصوت النسوي بقوة، وهذا ما يظهره الاقبال الجماهيري على دار النشر أنطوانيت فوك. ولأن الشعر مقرون بالسياسة في الكثير من الأحيان، تخيم على السوق أجواءٌ الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا، إلى جانب الضجة التي أثيرت بسبب استبعاد دعوة فلسطين كضيف شرف الدورة القادمة، قبل أن يتراجع المنظمون عن قرارهم في أعقاب حملة قادها مثقفون، على غرار ماريون مازوراك، مديرة منشورات أوديابل فوفار، والتي أدلت بتصريح لإذاعة مونت كارلو الدولية: " ما إن علمنا بقرار الغاء اختيار فلسطين من المشاركة العام المقبل، والذي اعتبره إعلانا غير لائق، حتى قمنا بتوقيع عريضة ضد القرار ونشرها على نطاق واسع، و لحسن الحظ قام رئيس الجمعية المنظمة للتظاهرة بإعادة المياه الى مجاريها، تفاديا لفضيحة داخل الوسط الأدبي، نحن نشرنا للشاعر الدنماركي من أصل فلسطيني يحي حسن الذي قُتل في الخامسة والعشرين من عمره. إن فلسطين بلد الشعراء، والشعر الفلسطيني معروفٌ في العالم بأسره".

يعتبر سوق الشعر مناسبة لدور النشر العربية أيضا للتعريف بجديد الأعمال الابداعية في بلدانها، مثل منشورات أبيك الجزائرية التي تشارك لأول مرة في هذه الحدث، بحثا عن شراكات ثقافية مع دول أوروبية، وفق ما تقول مسؤولة الدار سامية زنادي: " نعاني من مشكل التسويق، وأيضا من تقلص فرص عرض وبيع الكتاب، إلى جانب اغلاق الكثير من المكتبات أبوابها، ولذلك الهدف الأساسي لحضورنا في سوق الشعر بباريس هو من التعريف بالشعراء من بلدنا ومن الدول العربية، وأيضا فتح الأبواب للترويج للكتاب الجزائري".

إن الشعر هو الحاضر الأول في هذا السوق، ولكنه ليس الوحيد، إذ تتحول التظاهرة الى فضاء للفنون التشكيلية، والموسيقى، كما خصصت للأطفال ورشات للكتابة والرسم على مدار خمسة أيام.