طول عمري من أول ما بدأت أتفرج على وثائقيات ليها علاقة بالجرائم وأنا بتبهرني جدا فكرة ال"cult" أو الطائفة اللي ليها قائد يتمتع بكاريزما كبيرة، يؤمن بيه أتباعه إيمانا مطلقا على الرغم من إن كل الناس التانية شايفين إنه مناخوليا.

دايما بسأل نفسي عن الأتباع دول وإزاي القائد ده بيقدر يقنعهم بأفكار أي عيل صغير هيشوف أد إيه هي أفكار متخلفة وغير عقلانية، وخصوصا إنه على العكس من بعض القضايا اللي كان فيها الأتباع دول طول الوقت تحت تأثير المخدرات وده اللي بيخلي التأثير عليهم موضوع بسيط، إلا إن في حالات تانية كان الأتباع على قدر كبير من العلم والثقافة، ومع ذلك بيشتروا نفس البضاعة المعطوبة منطقيا.

الأسباب ممكن تبقى كتير. لكن كاريزما القائد الطاغية أهمها. قدرته على صياغة أفكاره والتعبير عنها بثقة مفرطة تشكك اللي قدامه في قناعاته. فمستوى التعليم بتاع الأتباع هنا ما بيكونش الفيصل لأنه ممكن يكون مخبي وراه مشاكل نفسية وشخصية تخليهم عايزين يسلموا لجامهم ويتعلقوا تعلق مرضي بشخص بيقولهم إنه عنده الحقيقة المطلقة.

ممكن كمان الأتباع يكون عندهم حاجة لإحساس التفرد، ولما القائد بيصيغلهم الحقائق المعتادة على إنها نظريات مؤامرة. بيندفعوا عشان يبقوا جزء من اللي هم متخيلينه” صفوة فكرية“.. من باب إنهم مش شبه كل الدهماء دول اللي مؤمنين إن الأرض كروية وإن التطعيمات ضرورية وإن فيه بالفعل مرض إسمه السرطان. لأ .. هم متميزين وأعلى فكريا من كل دول.

أو الإحساس بإن فيه سر ما خفي على الجميع وكان خافي عليهم هم كمان، لكن دلوقتي ربنا حط الشخص ده في سكتهم عشان يكشف لهم السر. إحساس بالإثارة كده وإنك جزء من حاجة خاصة. مختار.. مصطفى.

دي بالظبط الأفكار اللي بتيجي في دماغي كل ما بتثار قضايا ليها علاقة بأفكار الطب غير التقليدي زي ما أصحاب الأفكار دي بيسموه، أو النصب الطبي زي ما باسميه أنا.

مؤخرا مثلا قريت بوست لأم بتحكي عن تجربتها مع طبيب من دول وصف لبنتها اللي متشخصة على إنها مريضة سكر من النوع الأول من عمر ٩ شهور إنها توقف الإنسولين وتاكل عسل وسكر ورز وبطاطس لحد ما تشبع، طبعا النتيجة المتوقعة حصلت، غيبوبة سكر وقياس فوق ال ٦٠٠ والبنت كانت هتضيع من إيديها وهي خريجة كلية الصيدلة ومثقفة فيما يتعلق بمرض السكر. لكن الطبيب إياه إداها أمل إن: لأ بنتك مش مريضة ولا حاجة وإن مافيش مرض اسمه السكر وإن دي مؤامرة من شركات الأدوية. فبدلا من قبول الابتلاء والتعامل مع الواقع اختارت إنها تصدق الطبيب وتغامر بحياة بنتها فقط عشان حد قدم لها بديل لقدر هي رفضاه بطريقة الثقة المطلقة وكاريزما الزعيم العبقري اللي ربنا ألهمه العلم دونا عن كل أطباء العالم.

أما ليه النوعية دي من الأطباء مطلوقة كده على الناس تجرب فيهم وتغامر بحياتهم وتشرع في قتلهم بتلك الثقة، فده بيقولنا إن حتى في أعلى درجات السلطة، هناك من هم واقعين تحت تأثير زعماء الطائفة الطبية دول ومصدقينهم.

وكله فداء للكاريزما.