مدونة اليوم

غادة عبد العال: الفن الذي حارب النسيان!


Listen Later

في أسبوع الاحتفال بافتتاح المتحف المصري الجديد، تجد الكل في مصر في حالة من الانتشاء، الاحتفال والفخر. البلد ارتدت حلتها الجديدة، ولا تكاد تفتح محطة إذاعة أو تليفزيون إلا وتجد الافتتاح وهو حديث الساعة.

حتى على المستوى الشعبي، تابع على سبيل المثال طوفان الصور المصنعة عن طريق الذكاء الاصطناعي للمصريين وهم لابسين لبس أجدادهم وهي بتجتاح صفحات السوشيال ميديا.

فراعين وفرعونات، بنفس ملامح أجدادهم اللي خلدت على جدران المعابد وعلى أوجه الحجارة المنحوتة على شكل تماثيل، ولا عزاء لإخواننا بتوع الأفروسينتريك. فالمصريين وجدودهم فولة وانقسمت نصين.

لكن مع شوية تركيز هنلاحظ إن على الرغم من التشابه ففيه اختلاف واضح جدا بين الأجداد والأبناء. ألا وهو الإيمان بقوة الفن وقدرته على تخليد الحضارة. أصل مش صدفة أن كل ما بقى من حضارة المصريين القدماء هو الفن.

الفن وحده هو ما ساهم في إيصال كل المعلومات اللي في إيدينا عنهم وعن حضارتهم العظيمة. نقش على حجر، لون على حائط، تمثال، لوحة بتحكي قصة معركة حربية، ومخطوطة بتحكي أساطير عن آلهة عبدت من قبل الزمان بزمان.

ما صمدتش قوانينهم عبر الزمان، ولا نظم حكمهم استمرت عبر العصور، ولا جيوشهم بقيت، ولا حتى لغتهم اليومية محفوظة. كل اللي بقي هو الجمال اللي لم يهزمه الزمن.

الفن، وحده هو الذاكرة اللي أخبرتنا عن كل هذه الأشياء. والفنانين هم اللي خلوا حكاية الحضارة دي تقرأ إلى الأبد أو إلى أن يطوي الزمن آخر نقشة على آخر حجر وآخر نظره على وجه آخر تمثال.

نقارن بأه بين موقف الأجداد وموقف الأحفاد فيما يتعلق بالاحتفاء بالفن. فرق السماء من الأرض. حيث إننا بنعيش في فترة بتغلب عليها النظرة السلبية للفنون.

على الرغم من عراقة تقاليد الفن المصري وكونه قوة ناعمة لا يمكن فصلها عن بقية العناصر اللي بتشكل مكانة مصر في المنطقة. لكننا نعيش مرحلة يعاني فيها الفن، بين ارتفاع الأصوات المحافظة اللي بتشوفه متضاد مع قيم الحشمة، والأصوات اللي بتتهمه بالتفاهة وإن أي اهتمام بيه هو تنكيل بقيمة العلم والعلماء وكأن المعادلة هذا أو ذلك، وما ينفعش يبقى عندنا فن وعلم إيد بإيد.

واذا كانت نوعية الفن حاليا مش متوقع انها تصمد لآلاف السنين، لكنها على الأقل قادرة على انها تحكي حياتنا ومشاعرنا ومشاكلنا الحالية، و دي لوحدها مش حاجات قليلة.

اليوم نحتفل بافتتاح المتحف المصري الكبير، أكبر مشروع ثقافي في القرن الحادي والعشرين، ونشعر بالفخر واحنا بنشوف تمثال رمسيس الثاني وهو بيستقبل الزائرين

لكن وسط هذا البريق، يأتي السؤال المؤلم: إذا كان الفن هو ما خلدنا في الماضي، أمال ليه بنحاربه في الحاضر؟

...more
View all episodesView all episodes
Download on the App Store

مدونة اليومBy مونت كارلو الدولية / MCD


More shows like مدونة اليوم

View all
Learning English Grammar by BBC Radio

Learning English Grammar

327 Listeners

سهرة خليجية by مونت كارلو الدولية / MCD

سهرة خليجية

1 Listeners

صحتكم تهمنا by مونت كارلو الدولية / MCD

صحتكم تهمنا

1 Listeners

الصحة المستدامة by مونت كارلو الدولية / MCD

الصحة المستدامة

5 Listeners

طرب by مونت كارلو الدولية / MCD

طرب

1 Listeners

حكاية نغم by مونت كارلو الدولية / MCD

حكاية نغم

1 Listeners

أصوات المدينة by مونت كارلو الدولية / MCD

أصوات المدينة

0 Listeners

هوى الأيام by مونت كارلو الدولية / MCD

هوى الأيام

0 Listeners

مدونة اليوم by مونت كارلو الدولية / MCD

مدونة اليوم

0 Listeners

نافذة على العالم by مونت كارلو الدولية / MCD

نافذة على العالم

1 Listeners

ثقافات by مونت كارلو الدولية / MCD

ثقافات

0 Listeners

ساعة موسيقى by مونت كارلو الدولية / MCD

ساعة موسيقى

2 Listeners

يوميات مسافرة by مونت كارلو الدولية / MCD

يوميات مسافرة

0 Listeners

تعلموا الفرنسية مع مسلسل Les voisins du 12 bis by مونت كارلو الدولية / MCD

تعلموا الفرنسية مع مسلسل Les voisins du 12 bis

4 Listeners

الساعة الخليجية by مونت كارلو الدولية / MCD

الساعة الخليجية

1 Listeners

قراءة في الصحافة العالمية by فرانس 24 / FRANCE 24

قراءة في الصحافة العالمية

2 Listeners

قرأنا لكم by مونت كارلو الدولية / MCD

قرأنا لكم

0 Listeners

ريبورتاج by مونت كارلو الدولية / MCD

ريبورتاج

0 Listeners

ريبورتاج ثقافي by مونت كارلو الدولية / MCD

ريبورتاج ثقافي

0 Listeners

يستحق الانتباه by BBC Arabic Radio

يستحق الانتباه

6 Listeners

النشرة الرقمية by مونت كارلو الدولية / MCD

النشرة الرقمية

1 Listeners

من قاعات التحرير by مونت كارلو الدولية / MCD

من قاعات التحرير

1 Listeners

وقفة مع الحدث by مونت كارلو الدولية / MCD

وقفة مع الحدث

0 Listeners