"الحرائق في كاليفورنيا عقاب من الله وانتقام شديد". 

"الله بعث لهم نار جهنم لمعاقبة الأمريكان على النيران التي يشعلونها في كل مكان".

"متع بصرك عزيزي المشاهد... كمية من فيديوهات حرائق كاليفورنيا ستعالج اكتئابك".

هذه، للأسف، تعليقات حقيقية ضمن أخرى كثيرة على مواقع التواصل. أشكال مختلفة من أشكال الفرح بالحرائق والخسائر في كاليفورنيا.

الحقيقة أنك لا يمكن أن تكون إنساناً سويا وتفرح بمصائب الآخرين، مهما كنت مختلفا معهم. 

الكوارث الطبيعية هي ظواهر طبيعية أو أحيانا ناتجة عن أخطاء بشرية تقنية، وهي ليست مرتبطة بالعدالة السماوية أو بعقاب إلهي لفئة ضد أخرى. ألم تعرف عدد من مدن الخليج فيضانات منذ فترة؟ ألم تعرف الجزائر حريقا كبيرا منذ شهور؟ ألم تعش تركيا حرائق في السابق؟ ألم يعش سكان الحوز في المغرب منذ بضعة شهور مأساة زلزال كبير فُقدت على إثره أرواح وبيوت وبنيات؟

الكوارث الطبيعية لا تختار الكافر دون المؤمن لتعاقبه. بل حتى من داخل هذا المنطق غير السليم، في حرائق كاليفورنيا نفسها، أليس من الوارد جدا أن نجد ضمن الضحايا مسلمين مؤمنين؟ 

كما أن هذا التصور التبسيطي فيه اختزال لله في صفات بشرية، تجعله يغضب من قوم فيعاقبهم كما قد يعاقب أب أطفاله حين يخطؤون. 

مرة أخرى، الكوارث الطبيعية لا تختار ضحاياها حسب جنسهم أو عرقهم أو دينهم أو جنسيتهم. وهي لا تصيب مناطق دون غيرها ولا ديانات دون غيرها. 

الإنسانية تقتضي أن نتضامن مع ضحايا الكوارث الطبيعية في كل مكان. لا ديانتهم ولا إلحادهم ولا عرقهم ولا جنسيتهم تعطينا الحق في أن نسخر منهم أو نشمت فيهم. 

الإنسانية والمنطق يقتضيان أن نعترف بأن الكوارث الطبيعية قد تصيب أيا من بلداننا وقد أصابتنا في السابق. وأنها لا تختار الكافر والمؤمن، أو المسيحي أو المسلم أو السيخي أو الملحد. 

لكننا، للأسف، سنبقى مصرين على تصريفها حسب هوانا، وحين تصيب مصيبة شخصا نحبه سنعتبرها ابتلاء من الله، وحين تصيب من لا نحب نعتبرها عقابا.