في حوار مع صديقة تعمل في إحدى منظمات العمل النسائي، كان النقاش بيننا عن الأسباب المختلفة اللي بتؤدي لاستمرار الوباء المنتشر من قضايا العنف الأسري اللي بتكون ضحيتها المرأة المتزوجة.

اتكلمنا واتناقشنا وتوصلنا للأسباب المنطقية المعتادة، من ظروف اقتصادية ضاغطة وزيجات غير مبنية على الود مش حتى الحب، والخجل من مناقشة أو طلب مساعدة لحل مشكلات عدم التوافق الجنسي، ده غير تواطوء المجتمع مع فكرة الضرب كنوع من أنواع التأديب اللي عادي يعني إن الزوج يقوم بيه تجاه زوجته. وقبل ما نقفل نقاشنا خالص لقيتها بتزود سبب من الأسباب بشكل عابر كده : آه .. والحر. وقفتها فورا متسائلة: أفندم؟. أكدتلي تاني إن الحر من أهم أسباب تفاقم ظاهرة قتل الزوجات. وإن فيه إحصائية عملتها المنظمة اللي هي شغالة فيها بتقول إن الخنقة الناتجة عن الحر بتكون من العوامل المهمة المؤدية لوقوع الجرايم دي. خلاف بسيط يتصاعد ليتحول لشجار لفظي، ثم تتضافر حرارة الجو مع انفعال الطرف الأقوى جسديا فتقع الجريمة.

ولأن بلادنا مش بلاد إحصائيات، وأي دراسة منشورة في موقع أو جريدة غالبا بيكون قايم بيها واحد واتنين صحابه قاعدين على القهوة. فقلت أدور على شوية إحصائيات بره. 

دراسات كتير بتأكد إن كل ما درجة الحرارة تعلى، معدل الجريمة بيعلى معاها. يعني كل ما كان الجو حر بالنهار كل ما بقى فيه احتمال كويس إنك تقضي الليل في برودة تلاجة المشرحة.

لما درجة الحرارة تعلى ٥ درجات مثلا في نيويورك وشيكاجو، الباحثين لقوا ان معدل العنف بيزيد بنسبة ٥٪، ومعدلات القتل بالتحديد بتزيد بنسبة ٩٪. وده عشان ماحدش بيكون طايق هدومه والكل بينفجر في وش الآخرين على أي قطرة عرق زيادة بنستسبب فيها لبعض. وفي دراسة تانية أقيمت على ٢٨ مدينة أمريكية من عام ٢٠١٥ لعام ٢٠٢١، لقوا ان موجات الحر المفاجئة بتزود جرائم السطو والاعتداء بنسبة ٣٠٪

والحر مش بس بيخلي الناس تعتدي على بعض على المستوى الشخصي، ده كمان بيخلّي مجتمعات كاملة تقوم على بعضيها!

سنة ١٩٩٥ مثلا حصلت موجة حر قاتلة في شيكاغو حصت أرواح فوق ال٧٠٠ بني آدم في ٥ أيام، أغلبهم كانوا كبار سن، فقراء، عايشين لوحدهم والتكييف بالنسبة لهم رفاهية.

ونتيجة لده قامت موجة مظاهرات معترضة على اللي حصل للفئات الأقل حظا والأكثر تأثرا.

طب نرجع نسأل السؤال: و بالنسبة للحر عندنا.

إحدى المجلات العلمية المهتمة بمجال الصحة في الشرق الأوسط بترصد إن مصر بتحمل أعلى عدد وفيات بسبب الحر في المنطقة، حوالي٢٥٩٠ حالة وفاة كل سنة بسبب الإجهاد الحراري . مالقتش إحصاءات واضحة زي ما قلت قبل كده عن معدل الجرايم. بس تخيل حرارة ٤٥ وناس بتقع من الحر تموت وضغط اقتصادي واجتماعي وقلاقل سياسية حوالينا في كل مكان. وفي وسط ده كله حكومة بتقرر تقطع الكهربا بدعوى تخفيف الأحمال. ده يعمل إيه في خلق الناس وصبرهم على بعض وعلى الحكومة؟

 

طب والحل؟

تكييفك إذا قادر تجيب تكييف، مروحتك إذا الحال على الأد، سفرية أسبوع في جمصة والا راس البر، ساحل طيب .. ساحل شرير. وتجنب النقاش في أي موضوع بمجرد ما تزيد الحرارة عن ٣٧.

وربنا يعدي شهور الصيف على خير، وينقذنا وإياكم من تبعات الحر