
Sign up to save your podcasts
Or
اذ كنت عائدة لبضعة ايام خلت من رحلة إلى جنيف، انتظر وصول حقيبتي في مطار بيروت، لفتتني أعداد اللبنانيين القادمين على متن الرحلة نفسها من كندا، على ما يبدو عبر العاصمة السويسرية.
عائلات وأطفال وشابات وشبان وكبار في السن، وهم في طريقهم حتماً لقضاء عطلة الصيف في الربوع، وقد ابهج قلبي مشهدهم، كبرهان على إيمانهم في هذا البلد وتحدّيهم للمخاوف التي من شأنها ان تثنيهم عن المجيء هذا العام، نظراً إلى الظروف الصعبة والحرب في جنوب لبنان وفلسطين منذ اشهر.
"لكنهم جاؤوا، جاؤوا رغم كل شيء!"، فكرتُ، وابتسمتُ نكاية بكل التعب والحزن والحسرة والغضب التي اشعر ونشعر بها في هذه الايام. جاؤوا رغم كل شيء، مثلما نحن باقون رغم كل شيء، او ربما حري بي ان اقول: هم جاؤوا ونحن باقون "من اجل كل شيء".
ولكن نغّص فرحتي ما سمعتُه من شابين في جواري، في أوائل الثلاثينات، ايضاً قادمين من كندا، كانا يتبادلان أطراف الحديث. قال الاول: "يا زلمي، صرلي سنتين هونيك، سنتين، صدقني، ولا نهار فيهم حسيت اني عايش. كل الوقت حاسس حالي ميت". يجاوبه الثاني بصوت فيه من الانكسار ما يهدّ جبلاً: "ما أنا متلك. بس شو بدنا نعمل؟ هالبلد بطّل النا".
كأن ناراً اشتعلت في صدري عندما سمعتُ هذه الكلمات. شعرتُ بقلبي يتفتّت الف قطعة وقطعة. هممتُ بأن أستدير نحوهما واقول: "ما تقولوا هيك يا شباب، هالبلد بعدو الكن"، لكني امتنعت. احسستُ كم ان كلامي سيبدو مزايدة فولكلورية سخيفة رغم صدقه. وكم سيبدو ساذجاً وبلا احساس. وكم سيبدو تافها ومزريا امام معاناتهما ومعاناة غالبية الشعب اللبناني المقيم خصوصاً، والمغترب أيضاً.
سكتتُ، لملمتُ قطع قلبي عن الارض، اخذتُ حقيبتي من الحزام الناقل، وخرجتُ. لكني لم أستطع ان امنع نفسي من ان أتمتم في سرّي طوال الطريق، مع كل خطوة: "بل هو لكما. بل هو لنا".
اذ كنت عائدة لبضعة ايام خلت من رحلة إلى جنيف، انتظر وصول حقيبتي في مطار بيروت، لفتتني أعداد اللبنانيين القادمين على متن الرحلة نفسها من كندا، على ما يبدو عبر العاصمة السويسرية.
عائلات وأطفال وشابات وشبان وكبار في السن، وهم في طريقهم حتماً لقضاء عطلة الصيف في الربوع، وقد ابهج قلبي مشهدهم، كبرهان على إيمانهم في هذا البلد وتحدّيهم للمخاوف التي من شأنها ان تثنيهم عن المجيء هذا العام، نظراً إلى الظروف الصعبة والحرب في جنوب لبنان وفلسطين منذ اشهر.
"لكنهم جاؤوا، جاؤوا رغم كل شيء!"، فكرتُ، وابتسمتُ نكاية بكل التعب والحزن والحسرة والغضب التي اشعر ونشعر بها في هذه الايام. جاؤوا رغم كل شيء، مثلما نحن باقون رغم كل شيء، او ربما حري بي ان اقول: هم جاؤوا ونحن باقون "من اجل كل شيء".
ولكن نغّص فرحتي ما سمعتُه من شابين في جواري، في أوائل الثلاثينات، ايضاً قادمين من كندا، كانا يتبادلان أطراف الحديث. قال الاول: "يا زلمي، صرلي سنتين هونيك، سنتين، صدقني، ولا نهار فيهم حسيت اني عايش. كل الوقت حاسس حالي ميت". يجاوبه الثاني بصوت فيه من الانكسار ما يهدّ جبلاً: "ما أنا متلك. بس شو بدنا نعمل؟ هالبلد بطّل النا".
كأن ناراً اشتعلت في صدري عندما سمعتُ هذه الكلمات. شعرتُ بقلبي يتفتّت الف قطعة وقطعة. هممتُ بأن أستدير نحوهما واقول: "ما تقولوا هيك يا شباب، هالبلد بعدو الكن"، لكني امتنعت. احسستُ كم ان كلامي سيبدو مزايدة فولكلورية سخيفة رغم صدقه. وكم سيبدو ساذجاً وبلا احساس. وكم سيبدو تافها ومزريا امام معاناتهما ومعاناة غالبية الشعب اللبناني المقيم خصوصاً، والمغترب أيضاً.
سكتتُ، لملمتُ قطع قلبي عن الارض، اخذتُ حقيبتي من الحزام الناقل، وخرجتُ. لكني لم أستطع ان امنع نفسي من ان أتمتم في سرّي طوال الطريق، مع كل خطوة: "بل هو لكما. بل هو لنا".
3 Listeners
127 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
5 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
2 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
3 Listeners
0 Listeners
121 Listeners
8 Listeners