
Sign up to save your podcasts
Or
سمعتُها تقول بنبرة غاضبة على هاتفها المحمول: "قلتُ لكِ لا وكفى! لا تسأليني عن السبب. أنا أمّكِ ولستُ مجبورة أن أشرح لك لماذا أرفض لكِ هذا الطلب!".
كانت تلك السيدة تنتظر دورها أمامي في إحدى الدوائر الرسمية، فأصغيتُ الى الحديث الذي كان يدور بينها وبين ابنتها رغماً عني. أعترف أني امتعضتُ عندما سمعتُ كلامها هذا، وهممتُ بأن أتدخّل. لكني، طبعاً، لم أفعل، واكتفيتُ بأن فكّرتُ في سري: "بلى، يا سيدتي، أنت مجبورة، فعلاً وجداً وكثيراً، أن تشرحي لابنتكِ لماذا ترفضين طلبها، وإلا فإنّكِ تربّين مشروعَ روبو، لا إنساناً يفكّر ويستوعب ويختار ويقرّر".
لطالما رددتُ أن تربية الأولاد من أشدّ أدوات التغيير الإيجابي فاعليةً التي نملكها كأفراد وكمجتمع: أي أن نربّيهم منذ الصغر على التفكير؛ على الاستقلالية؛ على التعلّم؛ على مساءلة كلّ شيء (حتى ما نقوله نحن)؛ على الفضول؛ على التشكيك والحلم والتطوّر والاعتماد على أنفسهم وهلم.
للأسف، هناك خلل خطير في طريقة تربية غالبية الأهل لأولادهم، اذ لا ينفكون يكرّرون الأخطاء نفسها التي كانت سبباً في معاناتهم عندما كانوا هم صغاراً. ينسون أو يتناسون طفولتهم ومراهقتهم. كانوا يكرهون تعرّضهم للتخضيع الأعمى، لكنّهم يخضّعون أولادهم. كانوا يكرهون عدم تمتّعهم بأيّ حرية أو خصوصية، لكنّهم يحرمون أولادهم من هذا الحدّ الأدنى من الحرية أو الخصوصية. كانوا يكرهون إجبارهم على الامتثال للأوامر من دون شرح مقنع، لكنّهم يتوقّعون من أولادهم الامتثال لأوامرهم من دون توفير شرح مقنع لهم. كانوا يكرهون اضطرارهم لفعل أمور كثيرة في الخفاء، وعجزهم عن ائتمان أهلهم على بعض أبسط أسرارهم، لكنّهم لا يشجّعون أولادهم على الانفتاح والشفافية والثقة. لكأن تربية الأولاد، فعل أوتوماتيكي يؤدونه تماما مثلما تلقوه، بطريقة ببغائية، من دون أي إعادة نظر.
طبعاً قد يخشى الأهل، إن هم شجعوا أولادهم على المساءلة والاعتراض، أن تخرج الأمورُ عن سيطرتهم. المخاطرة موجودة، ولكن من الحيوي أن يعطى الأولاد هذا الدفع في مرحلة مبكرة من حياتهم. اذ لا يمكننا أن نكسر حلقة الخنوع المتوارَث وغسل الأدمغة، إلا إذا كففنا عن التنظير وبدأنا التغيير من بيوتنا.
سمعتُها تقول بنبرة غاضبة على هاتفها المحمول: "قلتُ لكِ لا وكفى! لا تسأليني عن السبب. أنا أمّكِ ولستُ مجبورة أن أشرح لك لماذا أرفض لكِ هذا الطلب!".
كانت تلك السيدة تنتظر دورها أمامي في إحدى الدوائر الرسمية، فأصغيتُ الى الحديث الذي كان يدور بينها وبين ابنتها رغماً عني. أعترف أني امتعضتُ عندما سمعتُ كلامها هذا، وهممتُ بأن أتدخّل. لكني، طبعاً، لم أفعل، واكتفيتُ بأن فكّرتُ في سري: "بلى، يا سيدتي، أنت مجبورة، فعلاً وجداً وكثيراً، أن تشرحي لابنتكِ لماذا ترفضين طلبها، وإلا فإنّكِ تربّين مشروعَ روبو، لا إنساناً يفكّر ويستوعب ويختار ويقرّر".
لطالما رددتُ أن تربية الأولاد من أشدّ أدوات التغيير الإيجابي فاعليةً التي نملكها كأفراد وكمجتمع: أي أن نربّيهم منذ الصغر على التفكير؛ على الاستقلالية؛ على التعلّم؛ على مساءلة كلّ شيء (حتى ما نقوله نحن)؛ على الفضول؛ على التشكيك والحلم والتطوّر والاعتماد على أنفسهم وهلم.
للأسف، هناك خلل خطير في طريقة تربية غالبية الأهل لأولادهم، اذ لا ينفكون يكرّرون الأخطاء نفسها التي كانت سبباً في معاناتهم عندما كانوا هم صغاراً. ينسون أو يتناسون طفولتهم ومراهقتهم. كانوا يكرهون تعرّضهم للتخضيع الأعمى، لكنّهم يخضّعون أولادهم. كانوا يكرهون عدم تمتّعهم بأيّ حرية أو خصوصية، لكنّهم يحرمون أولادهم من هذا الحدّ الأدنى من الحرية أو الخصوصية. كانوا يكرهون إجبارهم على الامتثال للأوامر من دون شرح مقنع، لكنّهم يتوقّعون من أولادهم الامتثال لأوامرهم من دون توفير شرح مقنع لهم. كانوا يكرهون اضطرارهم لفعل أمور كثيرة في الخفاء، وعجزهم عن ائتمان أهلهم على بعض أبسط أسرارهم، لكنّهم لا يشجّعون أولادهم على الانفتاح والشفافية والثقة. لكأن تربية الأولاد، فعل أوتوماتيكي يؤدونه تماما مثلما تلقوه، بطريقة ببغائية، من دون أي إعادة نظر.
طبعاً قد يخشى الأهل، إن هم شجعوا أولادهم على المساءلة والاعتراض، أن تخرج الأمورُ عن سيطرتهم. المخاطرة موجودة، ولكن من الحيوي أن يعطى الأولاد هذا الدفع في مرحلة مبكرة من حياتهم. اذ لا يمكننا أن نكسر حلقة الخنوع المتوارَث وغسل الأدمغة، إلا إذا كففنا عن التنظير وبدأنا التغيير من بيوتنا.
3 Listeners
127 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
5 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
2 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
3 Listeners
0 Listeners
121 Listeners
8 Listeners