
Sign up to save your podcasts
Or
أعترف بأن أحلامي الشخصية كثيرة، ولا سقف لها. هي ليست من النوع المادي، بل غالبيتها معنوية أو فكرية، كأن أكتشف كل بلدان العالم مثلاً، أو كأن أتكلّم عشر لغات في أحد الأيام، أو كأن أشرب فنجان قهوة مع هاروكي موراكامي، وهكذا. ولكن هناك حلم واحد أساسي بات يراودني كالهاجس، وصار من أولوياتي، ويكاد لا يمر يوم لا أفكّر فيه وأتوق إليه: إنه حلم أن أتفرّغ تماماً لكتابتي، وألا أقوم بأي عمل سوى ذلك.
هذا طبعاً حلم شبه مستحيل، وأنا أعي ذلك تماماً. إذ يتطلب تحققه ظروفا ليست متوافرة في حياتي على الإطلاق، كأن أكون ميسورة الحال مثلاً، ليست عندي هموم من مثل كيفية تسديد فواتير الكهرباء والموتور وايجار المنزل وتكاليف العيش اليومية الى آخره. أو كأن تخصص لي جهة ما، مؤسساتية أو فردية، رسمية أو خاصة، معاشاً شهرياً، وتقول لي: "أكتبي. أكتبي ولا تفكّري في أي شيء آخر". أي أن يكون لي كفيل يحرص على راحة بالي لكي أتمكن من العطاء من دون أن تنغّص عليّ الماديات عيشي وقدرتي على التركيز. هذا يحصل في بعض البلدان الغربية، لكنه في عالمنا العربي أسطورة من أساطير الخيال.
ليسوا كثراً، أولئك الذين أغار منهم في الحياة. ولكن عليّ الاعتراف بأن هناك نموذجاً أحسده أيّما حسد: إنه نموذج الكاتب المتفرّغ للكتابة. أعلم أن التفرّغ للكتابة حلم طوباوي يراود كتاباً كثيرين، خصوصاً أولئك الذي يعانون سكيزوفرينيا قاتلة بين ما يمارسونه في النهار من اعمال ووظائف، وما يكرسّون له أوقات فراغهم القليلة، غالباً على حساب راحتهم المستحقة. فما بالكم بأوضاعنا نحن هنا، حيث لا يتمتع الكائن البشري (والكاتب ضمناً) بأي حماية وبأي ضمان؛ وحيث نعيش نحن الكتّاب حياة مزدوجة، بمعنى أننا نمارس وظيفة أخرى لنتمكّن من إعالة أنفسنا في عالم من الهشاشة الاقتصادية والمعيشية المتزايدة؟
هناك من يحيا ليكتب، وهناك من يتحايل على ظروف الحياة ليكتب: لكم أشتهي أن أنتمي في أحد الأيام الى الفئة الأولى!
أعترف بأن أحلامي الشخصية كثيرة، ولا سقف لها. هي ليست من النوع المادي، بل غالبيتها معنوية أو فكرية، كأن أكتشف كل بلدان العالم مثلاً، أو كأن أتكلّم عشر لغات في أحد الأيام، أو كأن أشرب فنجان قهوة مع هاروكي موراكامي، وهكذا. ولكن هناك حلم واحد أساسي بات يراودني كالهاجس، وصار من أولوياتي، ويكاد لا يمر يوم لا أفكّر فيه وأتوق إليه: إنه حلم أن أتفرّغ تماماً لكتابتي، وألا أقوم بأي عمل سوى ذلك.
هذا طبعاً حلم شبه مستحيل، وأنا أعي ذلك تماماً. إذ يتطلب تحققه ظروفا ليست متوافرة في حياتي على الإطلاق، كأن أكون ميسورة الحال مثلاً، ليست عندي هموم من مثل كيفية تسديد فواتير الكهرباء والموتور وايجار المنزل وتكاليف العيش اليومية الى آخره. أو كأن تخصص لي جهة ما، مؤسساتية أو فردية، رسمية أو خاصة، معاشاً شهرياً، وتقول لي: "أكتبي. أكتبي ولا تفكّري في أي شيء آخر". أي أن يكون لي كفيل يحرص على راحة بالي لكي أتمكن من العطاء من دون أن تنغّص عليّ الماديات عيشي وقدرتي على التركيز. هذا يحصل في بعض البلدان الغربية، لكنه في عالمنا العربي أسطورة من أساطير الخيال.
ليسوا كثراً، أولئك الذين أغار منهم في الحياة. ولكن عليّ الاعتراف بأن هناك نموذجاً أحسده أيّما حسد: إنه نموذج الكاتب المتفرّغ للكتابة. أعلم أن التفرّغ للكتابة حلم طوباوي يراود كتاباً كثيرين، خصوصاً أولئك الذي يعانون سكيزوفرينيا قاتلة بين ما يمارسونه في النهار من اعمال ووظائف، وما يكرسّون له أوقات فراغهم القليلة، غالباً على حساب راحتهم المستحقة. فما بالكم بأوضاعنا نحن هنا، حيث لا يتمتع الكائن البشري (والكاتب ضمناً) بأي حماية وبأي ضمان؛ وحيث نعيش نحن الكتّاب حياة مزدوجة، بمعنى أننا نمارس وظيفة أخرى لنتمكّن من إعالة أنفسنا في عالم من الهشاشة الاقتصادية والمعيشية المتزايدة؟
هناك من يحيا ليكتب، وهناك من يتحايل على ظروف الحياة ليكتب: لكم أشتهي أن أنتمي في أحد الأيام الى الفئة الأولى!
0 Listeners
1 Listeners
5 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
2 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
3 Listeners
0 Listeners
120 Listeners
3 Listeners