
Sign up to save your podcasts
Or
سألني صديق عزيز منذ يومين، تعقيبا على هول ما حدث من اعتداء إجرامي على اللبنانيين: "وسط دوامة الهمجية والقتل والرعب التي نحن عالقون فيها- على ما يبدو الى ما لا نهاية- أين نجد السكينة، ومن أي نبع نستمدّها لكي نحتمل، ونستمر، ونصدّق أن غداً ما أفضل ينتظرنا، وأنه سيكون مشرقاً رغم كل هذه العتمة؟ أين نجد السكينة أخبريني، أين تجدينها أنتِ؟
أجبته: أجدها في أمور صغيرة جداً. مثلاً: في ضحكة طفلٍ تُذكِّرني بالمرّة الأولى حين نادتني أمّي باسمي. في ابتسامةٍ بلا غاية على وجهِ عابر سبيل أعرف أني لن أصادفه مجدداً. في عصفور يحطّ فجأةً على شرفتي، يغنّي لي أغنيةً صغيرة، ثمّ يحلّق بعيداً، تاركاً وراءه عبق الحرية. في أصوات العالم قبل الفجر، بسيطة بساطة الحياة، عندما نرى فيها احتمالات ما يمكن أن يكون. أجدها في القلوب الطافحة بالحب. في قبلة لامنتظَرة على جرحي النازف. في عناق ولديّ. أجدها عندما أمشي حافية على شاطئٍ مهجور. عندما أجلس في مقهى وأروح أتخيّل اللحظة التي قال فيها كل واحد من المارة: "أحبّكَ، أحبّكِ". عندما أكتشف صديقاً من حياةٍ سابقة في عينَي طفلٍ في مدينةٍ بعيدة. عندما أتمكن من النهوض رغم الرعب رغم الشكوك رغم الألم الذي ينهشني وينهشنا مثل حريقٍ في مبنى بلا مخارجَ للنجاة. عندما أقبل ما لا يسعني تغييره. أجدها في فنجان قهوتي أحياناً، وفي رائحة الخبز دائما، وفي امتناني لأولئك المجهولةُ أسماؤهم الذين ينظّفون الطرق وأنا نائمة. أجدها في ذكرى الأشخاص الذين فتحوا لي الدرب كي أصل إلى حيث أنا الآن. في أسماء جميع الذين تركوا الحصى وراءهم كي لا أضيع. أجدها في شساعة الكون، وفي معجزة أني جئت اليه، وسلسلة الحوادث التي جعلتني ممكنة. أجدها في معرفتي بأن الآخر الذي علّموني أن أكرهه ليس إلّا أحد وجوهي اللامتناهية. أجدها عندما ألعب كالأطفال لكي أنقذ الطفلة في داخلي من الموت.
أجدها، السكينة، في أمور صغيرة، نعم. أمور صغيرة... تدعى الإنسانية.
سألني صديق عزيز منذ يومين، تعقيبا على هول ما حدث من اعتداء إجرامي على اللبنانيين: "وسط دوامة الهمجية والقتل والرعب التي نحن عالقون فيها- على ما يبدو الى ما لا نهاية- أين نجد السكينة، ومن أي نبع نستمدّها لكي نحتمل، ونستمر، ونصدّق أن غداً ما أفضل ينتظرنا، وأنه سيكون مشرقاً رغم كل هذه العتمة؟ أين نجد السكينة أخبريني، أين تجدينها أنتِ؟
أجبته: أجدها في أمور صغيرة جداً. مثلاً: في ضحكة طفلٍ تُذكِّرني بالمرّة الأولى حين نادتني أمّي باسمي. في ابتسامةٍ بلا غاية على وجهِ عابر سبيل أعرف أني لن أصادفه مجدداً. في عصفور يحطّ فجأةً على شرفتي، يغنّي لي أغنيةً صغيرة، ثمّ يحلّق بعيداً، تاركاً وراءه عبق الحرية. في أصوات العالم قبل الفجر، بسيطة بساطة الحياة، عندما نرى فيها احتمالات ما يمكن أن يكون. أجدها في القلوب الطافحة بالحب. في قبلة لامنتظَرة على جرحي النازف. في عناق ولديّ. أجدها عندما أمشي حافية على شاطئٍ مهجور. عندما أجلس في مقهى وأروح أتخيّل اللحظة التي قال فيها كل واحد من المارة: "أحبّكَ، أحبّكِ". عندما أكتشف صديقاً من حياةٍ سابقة في عينَي طفلٍ في مدينةٍ بعيدة. عندما أتمكن من النهوض رغم الرعب رغم الشكوك رغم الألم الذي ينهشني وينهشنا مثل حريقٍ في مبنى بلا مخارجَ للنجاة. عندما أقبل ما لا يسعني تغييره. أجدها في فنجان قهوتي أحياناً، وفي رائحة الخبز دائما، وفي امتناني لأولئك المجهولةُ أسماؤهم الذين ينظّفون الطرق وأنا نائمة. أجدها في ذكرى الأشخاص الذين فتحوا لي الدرب كي أصل إلى حيث أنا الآن. في أسماء جميع الذين تركوا الحصى وراءهم كي لا أضيع. أجدها في شساعة الكون، وفي معجزة أني جئت اليه، وسلسلة الحوادث التي جعلتني ممكنة. أجدها في معرفتي بأن الآخر الذي علّموني أن أكرهه ليس إلّا أحد وجوهي اللامتناهية. أجدها عندما ألعب كالأطفال لكي أنقذ الطفلة في داخلي من الموت.
أجدها، السكينة، في أمور صغيرة، نعم. أمور صغيرة... تدعى الإنسانية.
0 Listeners
1 Listeners
5 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
3 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
3 Listeners
0 Listeners
119 Listeners
3 Listeners