
Sign up to save your podcasts
Or
أنا الجنوب. ليس في ذاكرة أرضي إِلاّ أعمارُ التيه والدمار والتشرد والموت. ليس في جسد أرضي إِلاّ رائحةُ المقابر والجروح المفتوحة والدم المتخثّر.
أنا الجنوب، جنوب لبنان. أحمل في لاوعيي ينابيع الدموع من الماضي إلى المستقبل، مروراً بحاضر أجيالي المفجوعة بمصائرها القتيلة. كلّما أشرقتْ شمسٌ، تداعى فوق عمري المتثاقل جبلٌ للهزيمة تلو جبلٍ. كلّما غابت شمسٌ، أسدلتُ في ثنايا عمري عيون أطفالي المغمضة وآهات الأمّهات المكتومة وجموح الحياة المتلاشية.
أنا الجنوب، جنوب لبنان. مراراً حاولوا قتلي، لكني لم أشأ أن أموت. قرّرتُ أن أتحدّى ما لا يمكن تحدّيه، ومواجهة ما لا يمكن مواجهته. قرّرتُ أن أحمل موتي، وأتحامل عليه، وأتعايش معه، وأصير الشاهد والشهيد. كان عليَّ أن أواصل حياتي المذبوحة أمامي، بينما أشاهد بناتي وأبنائي ينسلخون عني مرة تلو مرة. وكنتُ في كل مرة ينسلخون وينزحون ويتشردون أتساءل: ترى هل يمشون حقاً أم هم يغوصون في فجوةٍ لامتناهيةٍ من الوجع؟
هؤلاء الذين يقيمون فيَّ، كيف يمكنني أن أغطّي جثثهم بالراحات المفتوحة، وكيف لي أن أسهر على دماثة دمائهم وحشرجات عيونهم الزائغة؟
هؤلاء الذين أنا أقيم فيهم، لم يعد في مقدوري أن أحصي نومهم الأبديّ فيَّ، ولا فرارهم الدائم في الظلمة ولا جروحهم غير القابلة للالتئام.
أنا الجنوب. أشجاري التي كنتُ أنتظر الربيع لأفتحها على المطلق، لأبلّغ بها عن الجريمة، مَن يستعيدها لتكون منارة للكتب التي لن تُكتَب، والروايات التي لن تُروى، والأشعار التي لن تُغنّى؟
أنا الجنوب، جنوب لبنان، أرض الإبنة الجنوبية والأمّ الجنوبية والجدّة الجنوبية، أستجمع في روحي وهج الجمر ورماد المجزرة، لأنقلها إلى وَرَثَتي، جيل الزمن الآتي، والمكان الآتي، لكي يعيدوا، من أجلي ومن أجلهم، اختراع الحياة.
أنا الجنوب. ليس في ذاكرة أرضي إِلاّ أعمارُ التيه والدمار والتشرد والموت. ليس في جسد أرضي إِلاّ رائحةُ المقابر والجروح المفتوحة والدم المتخثّر.
أنا الجنوب، جنوب لبنان. أحمل في لاوعيي ينابيع الدموع من الماضي إلى المستقبل، مروراً بحاضر أجيالي المفجوعة بمصائرها القتيلة. كلّما أشرقتْ شمسٌ، تداعى فوق عمري المتثاقل جبلٌ للهزيمة تلو جبلٍ. كلّما غابت شمسٌ، أسدلتُ في ثنايا عمري عيون أطفالي المغمضة وآهات الأمّهات المكتومة وجموح الحياة المتلاشية.
أنا الجنوب، جنوب لبنان. مراراً حاولوا قتلي، لكني لم أشأ أن أموت. قرّرتُ أن أتحدّى ما لا يمكن تحدّيه، ومواجهة ما لا يمكن مواجهته. قرّرتُ أن أحمل موتي، وأتحامل عليه، وأتعايش معه، وأصير الشاهد والشهيد. كان عليَّ أن أواصل حياتي المذبوحة أمامي، بينما أشاهد بناتي وأبنائي ينسلخون عني مرة تلو مرة. وكنتُ في كل مرة ينسلخون وينزحون ويتشردون أتساءل: ترى هل يمشون حقاً أم هم يغوصون في فجوةٍ لامتناهيةٍ من الوجع؟
هؤلاء الذين يقيمون فيَّ، كيف يمكنني أن أغطّي جثثهم بالراحات المفتوحة، وكيف لي أن أسهر على دماثة دمائهم وحشرجات عيونهم الزائغة؟
هؤلاء الذين أنا أقيم فيهم، لم يعد في مقدوري أن أحصي نومهم الأبديّ فيَّ، ولا فرارهم الدائم في الظلمة ولا جروحهم غير القابلة للالتئام.
أنا الجنوب. أشجاري التي كنتُ أنتظر الربيع لأفتحها على المطلق، لأبلّغ بها عن الجريمة، مَن يستعيدها لتكون منارة للكتب التي لن تُكتَب، والروايات التي لن تُروى، والأشعار التي لن تُغنّى؟
أنا الجنوب، جنوب لبنان، أرض الإبنة الجنوبية والأمّ الجنوبية والجدّة الجنوبية، أستجمع في روحي وهج الجمر ورماد المجزرة، لأنقلها إلى وَرَثَتي، جيل الزمن الآتي، والمكان الآتي، لكي يعيدوا، من أجلي ومن أجلهم، اختراع الحياة.
3 Listeners
132 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
5 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
3 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
3 Listeners
0 Listeners
119 Listeners
3 Listeners