
Sign up to save your podcasts
Or
الانتظار أحيانًا أجمل مما هو آتٍ. ليس لأنه يصعّد التوق فحسب، بل لأنه يخلق مساحاتٍ سحرية داخلنا، غرفًا صغيرة من الأمل، ممرّاتٍ من الشوق، ومرايا للمخيّلة. عندما ننتظر، نصبح صانعي معنى قبل أن نبلغ المعنى.
الانتظار، في جوهره، ليس ثغرة بين لحظتين، بل كيان قائم بذاته. أكرّر، ليس لأن ما ننتظره سوف يخيبنا لا محالة، بل لأن الانتظار نفسه يفتح أبوابًا لا تطرقها الغاية. في الانتظار، نصبح كائناتٍ مسحورة بالأمل. نصبح سجناء الشوق، وهذا السجن بالذات يحرّرنا، لأنه يذكّرنا بأننا ما زلنا قادرين على الرغبة، على الاشتهاء، على مدّ أيدينا إلى ما لم يعطَ لنا بعد.
ما إن نصل، حتى ينسحب هؤلاء الفرسان الثلاثة: يرتاح الأمل، يهدأ الشوق، وتخلع المخيّلة تاجها. المقصد، أيًّا كان، لا يسمح للإمكانيات بالبقاء. هو حاسم، واضح، ومحدود. لذلك قد نشعر بالخذلان أحيانًا، ليس لأن الواقع بشع بالضرورة، ولا لأن الهدف محبط، بل لأنهما ببساطة يغلقان ذلك الفضاء المفتوح الذي كان يرافقنا.
أنا طبعاً لا أدعو الى التأجيل، الى المماطلة، الى الهروب من المستقبل، بل ادعو الى استثمار الحاضر. لا أحب العيش في الأحلام وحدها، ولا التخطيط من أجل متعة التخطيط. الواقعيةُ فضيلة، والتحقّقُ حاجة. أضف الى ذلك أنني أفتقر، وبشدة، الى هبة الصبر. لكن ما أنساه، وننساه، هو أن انتظارنا نفسه يحمل قيمة: فيه نُدرب القلب على الاحتفاء، نُعلّم أنفسنا الصبر، ونمنح روحنا مساحةً لصياغة آفاقٍ أوسع. حتى الشكوكُ والخوفُ والترقّب هي غرائز تحفظنا من الاندفاع الأعمى، وتمنحنا القدرة على قراءة النتائج بوعيٍ أكبر.
لأجل ذلك أومن بأنّ مرحلة الـ"ما قبل" تستحق أن تُعاش بكامل حضورها، بكل ارتجافاتها، مهما كانت معذّبة. فيها جزع، نعم. فيها توجس، وترصد، وارتياب، بالتأكيد. لكن فيها أيضًا ذاك النبض الغريب الذي لا يتكرّر بعد التحقّق، نبض الاحتمالات المفتوحة على اللانهاية.
الوصول، مهما كان مدهشًا، يضع النقطة الأخيرة. أمّا الانتظار، فهو القصيدة قبل أن تُكتب.
الانتظار أحيانًا أجمل مما هو آتٍ. ليس لأنه يصعّد التوق فحسب، بل لأنه يخلق مساحاتٍ سحرية داخلنا، غرفًا صغيرة من الأمل، ممرّاتٍ من الشوق، ومرايا للمخيّلة. عندما ننتظر، نصبح صانعي معنى قبل أن نبلغ المعنى.
الانتظار، في جوهره، ليس ثغرة بين لحظتين، بل كيان قائم بذاته. أكرّر، ليس لأن ما ننتظره سوف يخيبنا لا محالة، بل لأن الانتظار نفسه يفتح أبوابًا لا تطرقها الغاية. في الانتظار، نصبح كائناتٍ مسحورة بالأمل. نصبح سجناء الشوق، وهذا السجن بالذات يحرّرنا، لأنه يذكّرنا بأننا ما زلنا قادرين على الرغبة، على الاشتهاء، على مدّ أيدينا إلى ما لم يعطَ لنا بعد.
ما إن نصل، حتى ينسحب هؤلاء الفرسان الثلاثة: يرتاح الأمل، يهدأ الشوق، وتخلع المخيّلة تاجها. المقصد، أيًّا كان، لا يسمح للإمكانيات بالبقاء. هو حاسم، واضح، ومحدود. لذلك قد نشعر بالخذلان أحيانًا، ليس لأن الواقع بشع بالضرورة، ولا لأن الهدف محبط، بل لأنهما ببساطة يغلقان ذلك الفضاء المفتوح الذي كان يرافقنا.
أنا طبعاً لا أدعو الى التأجيل، الى المماطلة، الى الهروب من المستقبل، بل ادعو الى استثمار الحاضر. لا أحب العيش في الأحلام وحدها، ولا التخطيط من أجل متعة التخطيط. الواقعيةُ فضيلة، والتحقّقُ حاجة. أضف الى ذلك أنني أفتقر، وبشدة، الى هبة الصبر. لكن ما أنساه، وننساه، هو أن انتظارنا نفسه يحمل قيمة: فيه نُدرب القلب على الاحتفاء، نُعلّم أنفسنا الصبر، ونمنح روحنا مساحةً لصياغة آفاقٍ أوسع. حتى الشكوكُ والخوفُ والترقّب هي غرائز تحفظنا من الاندفاع الأعمى، وتمنحنا القدرة على قراءة النتائج بوعيٍ أكبر.
لأجل ذلك أومن بأنّ مرحلة الـ"ما قبل" تستحق أن تُعاش بكامل حضورها، بكل ارتجافاتها، مهما كانت معذّبة. فيها جزع، نعم. فيها توجس، وترصد، وارتياب، بالتأكيد. لكن فيها أيضًا ذاك النبض الغريب الذي لا يتكرّر بعد التحقّق، نبض الاحتمالات المفتوحة على اللانهاية.
الوصول، مهما كان مدهشًا، يضع النقطة الأخيرة. أمّا الانتظار، فهو القصيدة قبل أن تُكتب.
327 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
5 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
3 Listeners
1 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
5 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners