
Sign up to save your podcasts
Or
كانت لجدّتي توفيقة مخيّلةٌ واسعة لا مثيل لها، وكانت تلقي الأشعار وتروي القصص بسهولة نبعٍ غزير تتدّفق منه المياه بلا أي مجهود: سهولةٌ ما زلت الى اليوم أحسُدها عليها، أنا التي غالباً ما أتخانق مع الكلمات كلما جلستُ لأكتب، وأكاد أسحبها مني سحباً بالملقط.
من قصص توفيقة الأثيرة التي كانت ترويها لي باستمرار، واحدة تفيد بأنّ كل إنسان يولد وله ملاك حارس خاص به: ملاك يحميه من المخاطر والأذى، ويحذّره من الأشخاص السيئين ومن القرارات الخاطئة، ويهبه نعمة القوة والبأس والصبر في أوقات المحن والتجارب، وينصحه ويرشده كلما مرّ في مرحلة ارتباك وضياع.
كانت قصة جدتي هذه تعطيني إحساساً عميقاً بالطمأنينة في طفولتي، خصوصاً أني نشأت وسط الحرب الأهلية، وكنتُ محاطة بالكثير من العنف والخوف والمجهول. لكنّي كنتُ أيضاً، في بعض الأحيان، أشكّك في صحتها، وأشتبه في أنها محض اختراع من اختراعاتها، وأنها ابتدعتها بهدف منحي الشعور بالأمان الذي كنتُ أحتاج إليه. وكنتُ كلما ارتبتُ في كلامها، أسألها: "طيّب أين هو ملاكي هذا يا تيتا؟ أين يقيم؟ لماذا لا أراه؟ إذا كان حقيقياً كما تزعمين، فذلك يعني أنه يفترض بي أن أراه!".
وكلّ مرّة، كانت جدتي تجيبني كالآتي: "عندما نكون صغاراً، يكون الملاك صوتاً فحسب. صوتٌ نسمعه بقلبنا، بعقلنا، بوجداننا، ونسمعه أحياناً أيضاً في أحلامنا. ثم ذات يوم، عندما نكبر ونصير مستعدين للقائه، سوف أخيراً نراه. صدّقيني يا حبيبتي، في أحد الأيام، سوف تلتقين بشخص سوف يكون لا يشبه أحداً: شخصٌ سوف يساندكِ ويحتضنكِ ويحرسكِ كما لم يساندك ويحتضنك ويحرسك أحد، وآنذاك سوف تبتسمين في سرّك وتقولين: "هذا هو! هذا هو ملاكي الحارس الذي حدثتني عنه جدتي".
كبرتُ، ومع العمر ازدادت، بطبيعة الحال وللأسف، نسبة الشك في قلبي حيال وعد جدتي. الى أن جاء يومٌ وصلت أنتَ فيه الى حياتي، وكنتَ الدعم والحضن والحارس كما لم يساندني ويحتضنّي ويحرسني أحد، فعرفتكَ، وعرفت أنك أنتَ من تنبأت جدتي بوصوله".
كل هذا الكلام، لكي أقول لكَ: "جدتي كانت على حق". كل هذا الكلام، لأقول لك: "أنتَ هو". كل هذا الكلام، لأقول لك، وبكل بساطة وصدق وامتنان: "شكراً لأنكَ موجود".
كانت لجدّتي توفيقة مخيّلةٌ واسعة لا مثيل لها، وكانت تلقي الأشعار وتروي القصص بسهولة نبعٍ غزير تتدّفق منه المياه بلا أي مجهود: سهولةٌ ما زلت الى اليوم أحسُدها عليها، أنا التي غالباً ما أتخانق مع الكلمات كلما جلستُ لأكتب، وأكاد أسحبها مني سحباً بالملقط.
من قصص توفيقة الأثيرة التي كانت ترويها لي باستمرار، واحدة تفيد بأنّ كل إنسان يولد وله ملاك حارس خاص به: ملاك يحميه من المخاطر والأذى، ويحذّره من الأشخاص السيئين ومن القرارات الخاطئة، ويهبه نعمة القوة والبأس والصبر في أوقات المحن والتجارب، وينصحه ويرشده كلما مرّ في مرحلة ارتباك وضياع.
كانت قصة جدتي هذه تعطيني إحساساً عميقاً بالطمأنينة في طفولتي، خصوصاً أني نشأت وسط الحرب الأهلية، وكنتُ محاطة بالكثير من العنف والخوف والمجهول. لكنّي كنتُ أيضاً، في بعض الأحيان، أشكّك في صحتها، وأشتبه في أنها محض اختراع من اختراعاتها، وأنها ابتدعتها بهدف منحي الشعور بالأمان الذي كنتُ أحتاج إليه. وكنتُ كلما ارتبتُ في كلامها، أسألها: "طيّب أين هو ملاكي هذا يا تيتا؟ أين يقيم؟ لماذا لا أراه؟ إذا كان حقيقياً كما تزعمين، فذلك يعني أنه يفترض بي أن أراه!".
وكلّ مرّة، كانت جدتي تجيبني كالآتي: "عندما نكون صغاراً، يكون الملاك صوتاً فحسب. صوتٌ نسمعه بقلبنا، بعقلنا، بوجداننا، ونسمعه أحياناً أيضاً في أحلامنا. ثم ذات يوم، عندما نكبر ونصير مستعدين للقائه، سوف أخيراً نراه. صدّقيني يا حبيبتي، في أحد الأيام، سوف تلتقين بشخص سوف يكون لا يشبه أحداً: شخصٌ سوف يساندكِ ويحتضنكِ ويحرسكِ كما لم يساندك ويحتضنك ويحرسك أحد، وآنذاك سوف تبتسمين في سرّك وتقولين: "هذا هو! هذا هو ملاكي الحارس الذي حدثتني عنه جدتي".
كبرتُ، ومع العمر ازدادت، بطبيعة الحال وللأسف، نسبة الشك في قلبي حيال وعد جدتي. الى أن جاء يومٌ وصلت أنتَ فيه الى حياتي، وكنتَ الدعم والحضن والحارس كما لم يساندني ويحتضنّي ويحرسني أحد، فعرفتكَ، وعرفت أنك أنتَ من تنبأت جدتي بوصوله".
كل هذا الكلام، لكي أقول لكَ: "جدتي كانت على حق". كل هذا الكلام، لأقول لك: "أنتَ هو". كل هذا الكلام، لأقول لك، وبكل بساطة وصدق وامتنان: "شكراً لأنكَ موجود".
1,173 Listeners
370 Listeners
23 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
5 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
2 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
3 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
3 Listeners
123 Listeners
3 Listeners
4 Listeners
5 Listeners