صراع بين الكتل السياسية انتقل إلى الشارع العراقي، بعد إعلان مجلس النواب قبول مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي تضمن الفصل في قضايا الأحوال، وفقا لمدونة أحكام تعتمد على ما ورد من اجتهادات فقهية عند المذهبين الشيعي والسني، والتي تبيح تزويج الفتاة في سن التاسعة وحرمان المرأة من النفقة ما لم يستمتع بها زوجها.
مظاهرتان إحداهما بقيادة أنصار المذهب الجعفري في مدينة النجف الأشرف جنوب غرب العاصمة العراقية بغداد يهتفون (نعم نعم للتعديل) وأخرى لنساء من ذات المدينة يهتفن (كلا كلا للتعديل، كلا كل للطائفية، كلا كل لزواج المتعة)، في إشارة إلى الزواج المؤقت المباح وفقا للمذهب الشيعي في العراق، وقد تعرضن للتنكيل والطرد من ساحة التظاهر؛ لأنهن عبرن عن رفضهن للتعديلات المطروحة على قانون الأحوال الشخصية في مجلس النواب العراقي حيث صرخ بهن أحد مناصري التعديل قائلا: "ليس لدينا نساء تتظاهر في مدينة أمير المؤمنين هذه مدينة الإمام على، هذا القانون الجعفري".
الخبير القانوني صفاء اللامي وصف التعديلات المطروحة بالملغومة، وأنها تسحب السلطة من القضاة، وتمنحها لرجال الدين، وبين لنا بعض جوانب الاختلاف بين قانون الأحوال الشخصية الحالي وَالتَعْدِيلاتُ المُقْتَرَحِ إجراؤها عَلَيْهِ.
"قانون الأحوال الشخصية الحالي رقم 188 لسنة 1959 يحتوي أحكاماً ثابتة مقرة بموجب القانون، وتسري على جميع أبناء الشعب العراقي، بينما التعديل المقترح يقسم الشعب إلى مذاهب، ويقترحون أن تُعَدّ مدونة أحكام شرعية. الأحكام الشرعية تأتي من رجال الدين أي من المرجعيات. بمعنى الإرث بالمذهب الجعفري الزوجة لا ترث في العقارات والأراضي المملوكة لزوجها، بينما في قانون الاحوال الشخصية المرأة ترث أي أن القانون لم يأخذ فقط بما جاء بالمذهب، وفي المذهب الحنفي كذلك هناك اختلافات فيما يتعلق بالإرث"
وأضاف اللامي "بالنسبة للزواج هذه مشكلة كبيرة؛ لأنه في المذهبين الجعفري وحتى الحنفي يبيح رجال الدين الزواج بتسع سنوات، هو موجود زواج القاصرات، ولكن عندما تجعله قانونياً يصبح مباحاً، وينسحب الأمر أيضا على النفقة وحضانة الأم وغيرها"
وتوقع اللامي أن تكثر المشاكل الأسرية، وتزيد الجريمة إذا ما أقرت التعديلات المطروحة.
العديد من البرلمانيين العراقيين اعترضوا على التعديلات المقدمة، وقالوا إنها فرضت عليهم في جلسة عدوها غير قانونية، فيما تحدث برلمانيون من أحزاب سنية بأنهم تعرضوا لمساومة للقبول بالتعديلات مقابل تمرير قانون العفو العام وعدم عرقلة جلسة التصويت عليه، وهو أمر نفاه عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب وصاحب مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رائد المالكي.
"مقترح القانون يأتي تنفيذا لأحكام المادة (41) من الدستور العراقي. التي نصت بشكل واضح وصريح على أن العراقيين أحرار في أحوالهم الشخصية بحسب دياناتهم ومعتقداتهم ومذاهبهم، وينظم ذلك بقانون، كل ما تسمعونه من كلام حول تضمين مقترح التعديلات نصوص تخص زواج القاصرات هذا الأمر غير صحيح، وليس فيه مساس بحقوق المرأة على العكس من ذلك تماما أعتقد أن ما يتضمنه الفقه الإسلامي وخاصة المذهب الجعفري على سبيل المثال فيه من الحقوق للمرأة أكثر مما يتضمنه القانون"
وأوضح المالكي "أن التعديلات المقترحة لا تلغي قانون الأحوال الشخصية الحالي، وإنما سيستمر العمل به إلى جانب الاحتكام للمدونات الفقهية التي ستُعَدّ لاحقا".
ما أن وافق مجلس النواب على إدراج مقترح التعديلات للقراءة الأولى، حتى بدأت منظمات المجتمع المدني وقادة الرأي بتنظيم وقفات احتجاجية تعبيرا عن رفضهم للتعديلات التي وصفوها بأنها إهانة للمرأة العراقية. عن ذلك تحدثنا عضو شبكة مدافعي ونشطاء حقوق الانسان في العراق فيروز وجدي
" بالنسبة لتعديلات قانون الاحوال الشخصية ، انا ضد التعديل لان الجوانب السلبية له اكثر بكثير من ايجابياته. فهي تخلق فرقة كبيرة بين فئات المجتمع اضافة الى انه يبيح تزويج القاصرات وهذه النقطة الاهم التي يجب ان نتحدث عنها"
واضافت " من يدفع لاقرار القانون يريد ان يقيد المرأة وان لاتتقدم اكثرولا يكون لها كيانها ولارأيها ولا استقلايتها وان لايكون لها دور في المجتمع ، وحقيقة لا اعرف اذا لم تمنح المرأة المكانة التي تستحقها في المجتمع فكيف انشيء مجتمع سوي ومتقدم "
اذاعة مونت كارلو كانت حاضرة ضمن تظاهرات اقامها ناشطون في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، وجمعت الاراء التالية من بعض المتظاهرات
قالت إحدى المتظاهرات "إن هذه التعديلات تنقلنا إلى عصر الجاهلية"
فيما قالت أخرى "إن على مجلس النواب العراقي تشريع قوانين تعمل على تطوير الدولة، وليس الرجوع بها إلى ألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد"
بينما عبرت متظاهرة عن خيبة أملها، وقالت "في حال إقرار هذه التعديلات، فإن المرأة العراقية ستهان وتهمش من الجوانب جميعهم"
فيما وجدت منظمات وبعثات دولية داخل وخارج العراق بأن التعديلات المقدمة تنتهك بشكل واضح حقوق المرأة والطفل.