
Sign up to save your podcasts
Or
للشعوب العربية منطق غريب في تحديد ما هو شأنها وماهو ليس من شأنها.
ففي قضية ما، في مكان ما، فجأة تجد الجماهير كلها على قلب رجل واحد ، وكل واحد من المتفاعلين يعتبر القضية شأنه الخاص فيلعن الجاني من أعمق أعماق قلبه، ويبكي بدل الدموع دم على كل من تأثر بالفاجعة حتى لو كان بينها وبينه جغرافيا مئات الكيلومترات.
ثم فجأة تحصل قضية أخرى ربما كانت أكبر وجغرافيا أقرب وذات تأثير أكبر، لكن الجماهير تتفاعل معها نصف تفاعل وأحيانا ما تعبرهاش خالص. وينفض الأغلبية أيديهم من القضية، و يعتبروها شأن خاص بأصحابها، مالهومش فيه.
أما الأوقات الأغرب فهي الأوقات اللي بتتبني فيها الجماهير العربية قضية ما أكتر من أصحاب شأنها، بل إن الجموع أحيانا بيتهموا أصحاب القضية إنهم خانوا القضية، على الرغم من إنهم هم اللي عايشينها بشكل يومي، بيدفعوا أرواحهم ثمنها وهي المتحكمة في حاضرهم ومستقبلهم حيث لا يمكن فصل القضية عن مصائر أصحابها. بس أبدا، البعض يصر على إن (هم مش مقدرينها، مش بيضحوا كفاية عشانها، آه لو بس القضية دي كانت قضيتنا، كنا فرجناكم عملنا فيها إيه؟).
مثل تلك الآراء هي اللي بقراها واسمعها حاليا بعد مرور عام كامل على مأساة الحرب على غزة. في كل مرة يعلو صوت من أصوات أهل غزة وهو بيتحسر على اللي راحوا واللي اتدمر واللي ضاع ولا يمكن هيرجع تاني ويلوموا اللي كان السبب، أفاجأ بأصوات تطالبهم بالصمت، أو ربما الخرس، فماحدش عايز يسمع أصواتهم كبني آدمين خسروا أهاليهم وبيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم وأطفالهم ومستقبلهم، مش عايزين نسمع لهم أي شكوى أو أنين إلا في إطار تقديس القضية، وكأن القضية أهم من أصحابها، ومصيرها أهم من مصائرهم، واستمرارها أهم من أرواحهم، وكأن القضية هتفضل قضية من غير ناس وجودهم أساس وجودها.
”إنتوا بتشتكوا ليه؟ ، إنتو عايزين الدنيا ولا الآخرة؟“
يقولها أحدهم وهو مضطجع أمام جهاز الكومبيوتر مستمتع بهواء التكييف .
”وإيه يعني لما الآلاف دول كلهم يموتوا، يا أخي فدا القدس وفلسطين“.
يقولها آخر وهو جالس في مقعده الوثير محاط بأبنائه الآمنين.
”وإيه يعني لما تتهد غزة وتتمحي من فوق وجه الأرض، هنعمرها تاني وتالت وعاشر“.
تقولها إحداهن اللي بيجيلها أسبوع اكتئاب لو لاحظت إن لون الصالون المدهب بتاعها بهت شويتين.
كم من التنظير والتنطيط والتجاهل والتعامي ونزع صفة البشرية عن ناس كل اللي عايزينه هو اللي احنا عايزينه، إنهم وأولادهم يعيشوا في أمان. ما يرفعوش راسهم كل دقيقة للسما ويسألوا يا ترى الصاروخ هينزل المرة دي على راس مين؟. كل اللي عايزينه إنهم يعيشوا بكرة، إن أصلا يكون فيه بكرة. وهو الأهم بالنسبة لهم، عشان مش هيفيدهم كتير إن صورهم يتحط عليها شريطة سمرا، وتترفع في المظاهرات مع الكثير من الهتافات للقضية.
لإنهم هم أصلا القضية.
للشعوب العربية منطق غريب في تحديد ما هو شأنها وماهو ليس من شأنها.
ففي قضية ما، في مكان ما، فجأة تجد الجماهير كلها على قلب رجل واحد ، وكل واحد من المتفاعلين يعتبر القضية شأنه الخاص فيلعن الجاني من أعمق أعماق قلبه، ويبكي بدل الدموع دم على كل من تأثر بالفاجعة حتى لو كان بينها وبينه جغرافيا مئات الكيلومترات.
ثم فجأة تحصل قضية أخرى ربما كانت أكبر وجغرافيا أقرب وذات تأثير أكبر، لكن الجماهير تتفاعل معها نصف تفاعل وأحيانا ما تعبرهاش خالص. وينفض الأغلبية أيديهم من القضية، و يعتبروها شأن خاص بأصحابها، مالهومش فيه.
أما الأوقات الأغرب فهي الأوقات اللي بتتبني فيها الجماهير العربية قضية ما أكتر من أصحاب شأنها، بل إن الجموع أحيانا بيتهموا أصحاب القضية إنهم خانوا القضية، على الرغم من إنهم هم اللي عايشينها بشكل يومي، بيدفعوا أرواحهم ثمنها وهي المتحكمة في حاضرهم ومستقبلهم حيث لا يمكن فصل القضية عن مصائر أصحابها. بس أبدا، البعض يصر على إن (هم مش مقدرينها، مش بيضحوا كفاية عشانها، آه لو بس القضية دي كانت قضيتنا، كنا فرجناكم عملنا فيها إيه؟).
مثل تلك الآراء هي اللي بقراها واسمعها حاليا بعد مرور عام كامل على مأساة الحرب على غزة. في كل مرة يعلو صوت من أصوات أهل غزة وهو بيتحسر على اللي راحوا واللي اتدمر واللي ضاع ولا يمكن هيرجع تاني ويلوموا اللي كان السبب، أفاجأ بأصوات تطالبهم بالصمت، أو ربما الخرس، فماحدش عايز يسمع أصواتهم كبني آدمين خسروا أهاليهم وبيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم وأطفالهم ومستقبلهم، مش عايزين نسمع لهم أي شكوى أو أنين إلا في إطار تقديس القضية، وكأن القضية أهم من أصحابها، ومصيرها أهم من مصائرهم، واستمرارها أهم من أرواحهم، وكأن القضية هتفضل قضية من غير ناس وجودهم أساس وجودها.
”إنتوا بتشتكوا ليه؟ ، إنتو عايزين الدنيا ولا الآخرة؟“
يقولها أحدهم وهو مضطجع أمام جهاز الكومبيوتر مستمتع بهواء التكييف .
”وإيه يعني لما الآلاف دول كلهم يموتوا، يا أخي فدا القدس وفلسطين“.
يقولها آخر وهو جالس في مقعده الوثير محاط بأبنائه الآمنين.
”وإيه يعني لما تتهد غزة وتتمحي من فوق وجه الأرض، هنعمرها تاني وتالت وعاشر“.
تقولها إحداهن اللي بيجيلها أسبوع اكتئاب لو لاحظت إن لون الصالون المدهب بتاعها بهت شويتين.
كم من التنظير والتنطيط والتجاهل والتعامي ونزع صفة البشرية عن ناس كل اللي عايزينه هو اللي احنا عايزينه، إنهم وأولادهم يعيشوا في أمان. ما يرفعوش راسهم كل دقيقة للسما ويسألوا يا ترى الصاروخ هينزل المرة دي على راس مين؟. كل اللي عايزينه إنهم يعيشوا بكرة، إن أصلا يكون فيه بكرة. وهو الأهم بالنسبة لهم، عشان مش هيفيدهم كتير إن صورهم يتحط عليها شريطة سمرا، وتترفع في المظاهرات مع الكثير من الهتافات للقضية.
لإنهم هم أصلا القضية.
3 Listeners
131 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
5 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
3 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
2 Listeners
2 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
0 Listeners
1 Listeners
0 Listeners
3 Listeners
0 Listeners
119 Listeners
3 Listeners