أحدثكم الآن بعد ما يقرب من شهرين رجعت فيهم لميدان العمل لوقت كامل، من ٩ صباحا ل ٥ مساءا ، لمدة خمسة أيام في الأسبوع. كانت فرصة شغل محددة بوقت وقلت أما أرجع تاني كده أشوف نظام العمل وصل لإيه بعد سنين وسنين من العمل كفريلانسر، أو بطريقة الأرزقية زي ما بنسميها بالبلدي.
من سنين ما اضطرتش أصحى كل يوم وأنزل أجري عشان ألحق الإمضا، ولا أسأل نفسي هو أنا أقدر آخد اليوم ده عارضة والا اعتيادي؟. وما اضطرتش أكون مهتمة برأي رئيس مباشر ليا، وما كنتش باستنى آخر الشهر عشان أقبض وأسدد الالتزامات.
الأمر كان صعب شوية بما إني حاليا أم سينجل لطفل في عز سن العفرتة، والتوفيق بين الأمومة والشغل الكامل برضه مش شيء سهل ومحتاج مجهود كبير. والالتزام بخطة العمل وضرورة تنفيذ خطة موحدة معتمدة مش بس عليا لكن على التعاون بين عدد من الأفراد، برضه كان شيء محتاج مجهود نفسي ومعنوي لتنسيقه والتعود عليه.
كل ده على صعوبته لكني كنت قادرة نوعا ما إني أتحمله وأتفاعل معاه. اللي كان مشكلة كبيرة معايا بأه واللي كنت في غنى عنه الحقيقة هو سياسات التعامل مع الزملا، أو بمعنى أصح ، النوعيات المعتمدة والمتكررة من العاملين في أي مكان، واللي التعامل معاهم فكرني أنا ليه قررت أستقيل من أي عمل منتظم وأشتغل مع نفسي وخلاص.
عندنا مثلا الزميل العصفورة: وده الإسم المعتمد للموظف اللي بينقل أخبار وأسرار المكان كله للمدير.
الزميل الحقنة: وده المتخصص في ضرب الأسافين والقادرعلى تسخين المديرعلى أي زميل تاني في لحظات قليلة وأحيانا بدون أي استفادة شخصية ليه، أذى للأذى وخلاص.
عندنا كمان الزميل كاره النساء: وده أسوأ يوم في حياته كان اليوم اللي نادى فيه قاسم أمين بتحرير المرأة، شايف اننا واخدين مكان ع الفاضي أو واخدين مكان رجال تانيين كان المفروض يشتغلوا مكاننا بس احنا سارقين أماكنهم بدون وجه حق.
ومعاه على الخط الزميلة الباحثة عن عريس: ودي بتكون موجودة في المكان بس عشان تأكد على كلام أي رجل معدي، وتضحك على نكته البايخة وتؤيد رأيه بحماس بالغ حتى لو كان متعلق بضرورة وأد البنات.
الزميل الراقد في الدرة: ده الشخص اللي ماعندوش مؤهلاتك لكنه دايما عينه على شغلانتك، مستني أي فرصة للخلاف بينك وبين المدير عشان يقنعه إنه يديه مكانك ويقوم بشغلك رغم ان هو وانت والمدير عارفين إنه ما يقدرش عليه.
ومع وجود كل هذه الأنواع من الزملا، و ضرورة الكفاح اليومي المستمر عشان نتعايش معاهم أو نتجاهلهم أو نخوض حرب شعواء معاهم، بيضيع ٧٥٪ من المجهود اللي المفروض يتحط في الشغل، ويرجع البني آدم يسأل نفسه: طب أنا عليا من الهم ده كله إيه؟
أو يسأل نفسه سؤال أوقع بيقول: وليه يا رب الناس ما بتصحاش الصبح تروح شغلها وهي بتقول :إن شاء الله أكون لطيف مع الناس وأتمنى يكونوا لطاف معايا، عشان نعمل شغلنا ونروح نشوف بقية حياتنا فيها إيه؟
بس يظهر إن دي أمنيات شخص ساذج ، حاجات كده مش هتتحقق غير في الجنة إن شاء الله.
وعليه، أعلن بكامل إرادتي عودتي لصفوف الفريلانسرز الأرزقية، ولنترك مجال العمل لوقت كامل للزملا، ربنا يهديهم أو يهدهم.. آمين.