مؤخرا فيه موجة انفجرت وأغرقتنا من الناس اللي بيطلقوا على أنفسهم لقب "مدرب حياة" أو كما اصطلح على تسميته بال"لايف كوتش". مجموعة من الأشخاص من خلفيات مختلفة بيتكلموا بحماس، بيشحنوا الطاقات، بيشجعوا الناس على انهم يكتشفوا قدراتهم ويرتبوا أنشطتهم، ويفكوا القيود اللي مقيداهم وينطلقوا إلى سماوات جديدة.
من جهة، هو كتر خيرهم ، ما احنا برضه عايشين في دول وبيئات محبطة تخلي الواحد يفقد عزيمته وقدرته على الاستمرار في التنفس أصلا مش هقولك في الشغل وتحقيق الذات.
بس من جهة تانية: انت بتكلم مين يا باشمهندس؟ بتكلمي مين يا أستاذة؟
يعني لما بتكلم شاب في عشريناته عن ضرورة استغلال وقت فراغه في تعلم لغة جديدة واتقان البرمجة ولعب رياضة قتالية أو الاشتراك في چيم عشان ضهره ما يبوظش على الأربعين، هل انت بتبقى حاسب التكاليف اللي هتتكلفها الأنشطة دي كلها؟ هل عندك علم انه لازم يكون بيشتغل ٣ شغلانات أصلا عشان يصرف ع الكلام ده وبالتالي لا يمكن يكون عنده أي وقت فراغ؟
هل عندك تخيل لفاتورة النت اللي هيدفعها لو هياخد كل الكورسات دي أونلاين؟ أو تمن تذاكر مواصلات المترو والميكروباص أو فاتورة الأوبر لو هيلف عشان ياخدهم وجها لوجه؟
هل عندك فكرة ان الكهربا بتقطع عنده ٣ ساعات في اليوم أصلا، فلازم يحسب معاد الكورس في مقابل معاد قطع الكهربا مع تقدير كم الوقت اللي ممكن يشغل فيه التكييف بعد ما الكهربا تيجي من غير ما يخلص كارت الكهربا وبدل ما يسيح في الحر؟
ممكن تديه طيب نصايح لازاي يواجه عيلته، ابوه اللي كل شوية يدخل يقفل عليه المروحة وأحيانا النور ويشد فيشة الكومبيوتر عشان مش مقتنع باللي بيقول انه بيعمله وشاكك انه بيتفرج على أفلام سيكس؟، وامه اللي كل شوية تبص عليه وتقوله ابقى تعالى تف على قبري لو فلحت عشان مضيع فلوسه ع الكورسات والكلام الفارغ بدل ما يحوش عشان يتجوز أسماء بنت اختها اللي في تانية اقتصاد منزلي؟
.
هل حد بلغك طيب بتمن جلسة الثيرابي حاليا وصل لكام، ماهو أكيد هيحتاجها بعد كل المعافرة والاستنزاف المالي والمعنوي والمرمطة العائلية دي، أو بعد شعوره انه فاشل ومش قادر يحقق اللي انت بتقوله كل يوم انه ممكن يحققه لو هو نوى بس و بقى عنده إرادة وتصميم؟
أنا ماعنديش مشكلة مع المبدأ و الله، وربنا يقوي كل واحد بيشجع الناس أو بيزقهم عشان يكافحوا ويحسنوا من حياتهم ومن مستقبلهم .. بس ناخد بالنا من السياق يا جماعة!
ما ينفعش ناخد أفكار فيديوهات أجنبية ومدربين أجانب وحياة أجنبية أصلا ونطبقها بحذافيرها كده!
اعمل حساب البيئة المختلفة، التحديات الغريبة، الثقافة المتضادة والمنطق المعدوم وانت بتقوللي أتعلم فنلندي، وألعب رياضة قتالية يوغوسلافية واتبع مذهب تصوف هندي وارتب دماغي بطريقة الفيلسوف البيلاروسي المعروف، وأتجه بقوة نحو الضوء في نهاية النفق، عشان أساسا النور مقطوع!