10 أكتوبر، اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام...
يرى البعض أن إلغاء الإعدام سيشجع على الجريمة وأن هناك جرائم لا يمكن فيها التساهل مع المجرم، كالبيدوفيليا والإرهاب والقتل؛ وأن الإلغاء سيجعل عائلات الضحايا تنتقم من الجاني.
إنه تمثل فوضوي وهمجي للمجتمع وللقانون. فهل انتشر "الانتقام" في المجتمعات اللي ألغت الإعدام؟
ثم، من قال إن إلغاء الإعدام يعني إلغاء العقوبة بالمرة؟
في الحقيقة، هناك أكثر من سبب لإلغاء عقوبة الإعدام.
أولا، بالأرقام والمعطيات، فإن الدول التي تطبق عقوبة الإعدام، لم تنقص فيها نسبة الجريمة... كما أن الخوف من الإعدام لم يكن يوما رادعا للمجرم قبل ارتكاب جريمته. وإلا، فعمليا، مع مرور كل هذه السنوات والقرون والبشرية تطبق الإعدام، كان يفترض أن يؤدي الردع دورَه وأن تختفي الجريمة نهائيا؛ على الأقل في المجتمعات اللي تعرف نسبا عالية لتطبيق الإعدام.
في نفس الوقت، وبالأرقام، فإن الدول التي امتلكت جرأة وإنسانية إلغاء الإعدام، لا تعرف بالضرورة نسب إجرام أعلى من الدول التي تطبقه.
بل بالعكس، أغلبها تعرف نسب إجرام منخفضة.
ثانيا، لا يمكننا أن نؤسس العدالة على فكرة الانتقام. كما أن الإعدام لا يعني أن الضحية تسترجع حقها.
ثالثا، ما العمل في حالة الخطأ القضائي؟
رابعا، إلغاء الإعدام لا يعني الإفلات من العقاب. هناك أشكال مختلفة من العقاب، حسب طبيعة الجريمة وحجم الأذى الذي تسبب فيه المجرم للآخرين.
بل أن بعض أشكال العقاب يمكن أن تعود بالمنفعة على المجتمع، خلافا لعقوبة الإعدام التي لا تُصلح المجتمع ولا تردع مجرمين آخرين!
الإعدام، أحببنا أم كرهنا، هو أبشع العقوبات وأقلها تأثيرا في تغيير سلوك المجرم.
الإعدام، أحببنا أم كرهنا، لا يفي بغرض الردع ولا يساهم في التأثير الإيجابي على المواطنين.
الإعدام عقوبة لا إنسانية؛ لَمْ ولا ولن تحقق هدف الحد من الجريمة في أي مجتمع.
الإعدام، أحببنا أم كرهنا، لا يعوض الضحايا ولا عائلاتهم، اللهم إذا زرعنا في المجتمع ثقافة الانتقام والقتل، كحل للجريمة.
الإعدام ينتمي لمنظومة قانونية، لعلّها كانت عادلة في سياقات تاريخية سابقة. لكن تطور مفاهيم حقوق الإنسان والعدالة يفترض أن يدفعنا لإلغائها وتعويضها بقوانين أكثر إنسانية وأكثر نفعا للمجتمع. قوانين تحفظ حقوق الضحايا وعائلاتهم... دون أن تحول العدالة لقاتل جديد.